للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فِي الْجَنَّةِ) فيه أن آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - خُلق في الجنّة، (تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ) "ما" هذه بمعنى المدّة، (فَجَعَلَ)؛ أي: فشَرَع من كمال تلبيسه، (إِبْلِيسُ) قال الفيّوميّ: أعجميّ، ولهذا لا ينصرف؛ للعجمة والعلميّة، وقيل: عربيّ مشتقّ من الإبلاس، وهو اليأس، ورُدّ بأنه لو كان عربيًّا لانصرف، كما ينصرف نظائره، نحو إِجْفيل، وإِخْريط. انتهى (١).

(يُطِيفُ بِهِ) بضمّ حرف المضارعة، قال أهل اللغة: طاف بالشيء يطوف طَوْفًا وطَوَافًا، وأطاف يُطيف: إذا استدار حواليه (٢).

وقال المناويّ: "يُطيف به"؛ أي: يستدير حوله، ينظر إليه من جميع جهاته، وقوله: (يَنْظُرُ مَا هُوَ؟) استئناف بيانيّ، أو حال؛ أي: يتفكر في عاقبة أمره، ويتأمل ماذا يظهر منه؟ (٣). (فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ) الأجوف الذي له جوف، قاله ابن الأثير، وقال النوويّ: الأجوف صاحب الجوف، وقيل: هو الذي داخله خالٍ (٤). (عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ")؛ أي: لا يتقوى بعضه ببعض، ولا قوّة له، ولا ثبات، بل يكون متزلزل الأمر، متغيّر الحال، متعرضًا للآفات، والتمالك: التماسك، وقيل: المعنى: لا يقدر على ضَبْط نفسه من المنع عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب، قاله القاري (٥).

وقال النوويّ: معنى "لا يتمالك": لا يملك نفسه، ويحبسها عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب، والمراد: جنس بني آدم - عَلَيْهِ السَّلَام -؛ أي: لا كلّهم؛ لأنَّ فيهم معصومين. انتهى (٦).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني: أن الله تعالى لمّا صوّر طينة آدم، وشكّلها


(١) "المصباح المنير" ١/ ٦٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦٤.
(٣) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٣٢٨ - ٣٢٩.
(٤) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦٤.
(٥) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٣٢٨ - ٣٢٩.
(٦) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦٤.