قَبَضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قَدْر الأرض. . ." الحديث، أخرجه أبو داود، والترمذيّ، وصححه ابن حبان.
٢ - (ومنها): بيان أن الجنّة مخلوقة موجودة، وأن الله تعالى خلق آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - فيها.
٣ - (ومنها): بيان عداوة إبليس لآدم وذرّيته من أول ما خُلق، ثم استمرّ إلى الآن، وسيستمرّ إلى قيام الساعة.
٤ - (ومنها): أن إبليس استدلّ بتمكّنه من إغواء آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - بكونه أجوف؛ لأنه يحتاج إلى - رضي الله عنه - قضاء شهوة بطنه، وبه يحصل له فتور وغفلة، فيكون ذلك مدخلًا له.
٥ - (ومنها): أن هذه الجنّة التي خُلق فيها آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - هي جنّة الخلد، قال أبو عبد الله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "تفسيره": ولا التفات لِمَا ذهبت إليه المعتزلة، والقَدَرية، من أنه لَمْ يكن في جنة الخلد، وإنما كان في جنة بأرض عدن، واستدلّوا على بدعتهم بأنها لو كانت جنة الخلد لَمَا وصل إليه إبليس، فإن الله يقول:{لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}[الطور: ٢٣]، وقال: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥)} [النبأ: ٣٥]، وقال: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦)} [الواقعة: ٢٥، ٢٦].
وأنه لا يخرج منها أهلها لقوله:{وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}[الحجر: ٤٨].
وأيضًا فإن جنة الخلد هي دار القدس، قُدِّست عن الخطايا والمعاصي تطهيرًا لها، وقد لغا فيها إبليس، وكذب، وأخرج منها آدم، وحواء بمعصيتهما.
قالوا: وكيف يجوز على آدم مع مكانه من الله وكمال عقله، أن يطلب شجرة الخلد، وهو في دار الخلد، والمُلك الذي لا يبلى؟.
فالجواب: أن الله تعالى عَرَّف الجَنَّة بالألف واللام، ومن قال: أسأل الله الجَنَّة، لَمْ يُفهم منه في تعارف الخَلْق إلَّا طلب جنة الخلد، ولا يستحيل في العقل دخول إبليس الجَنَّة لتغرير آدم، وقد لقي موسى آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - فقال له موسى: أنت أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجَنَّة، فأدخل الألف واللام ليدل على أنَّها جنة الخلد المعروفة، فلم ينكر ذلك آدم، ولو كانت غيرها لردّ على موسى،