للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والفضول" ما نصه: فأما تأويل من لَمْ يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول، وإن صدر ذلك عن إمام معروف غير مجهول، نحو ما يُنسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في تأويل الحديث: "خلق آدم على صورته"، فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل، ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث، لِمَا رويناه عن أحمد - رَحِمَهُ اللهُ -، ولم يتابعه أيضًا مَن بعده (١).

ثم قال شيخ الإسلام: قلت: فقد ذكر الحافظ أبو موسى المديني فيما جَمَعه من مناقب الإمام الملقّب بقوام السُّنَّة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التميمي صاحب كتاب "الترغيب والترهيب قال: سمعته يقول: أخطأ محمد بن إسحاق بن خزيمة في حديث الصورة، ولا يُطعن عليه بذلك، بل لا يؤخذ عنه فحسب، قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنه قلَّ مِن إمام إلَّا وله زلة، فإذا تُرك ذلك الإمام لأجل زلّته، تُرك كثير من الأئمة، وهذا لا ينبغي أن يُفعل (٢).

وقال الذهبيّ في "سير أعلام النبلاء" - في ترجمة محمد بن إسحاق بن خزيمة -: وكتابه في التوحيد مجلد كبير، وقد تأول في ذلك حديث الصورة، فليُعْذَر مَن تأوّل بعض الصفات، وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفّوا، وفوّضوا عِلم ذلك إلى الله تعالى ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولوأن كل من أخطأ في اجتهاده - مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق - أهدرناه، وبدّعناه، لقلّ من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنّه وكرمه (٣).

وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" ثلاثة عشر وجهًا لإبطال هذا القول:

* منها: أنه في مثل هذا لا يصلح إفراد الضمير، فإن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم، فتخصيص واحد لَمْ يتقدم له ذِكر بأن الله خلق آدم على


(١) "بيان تلبيس الجهميّة" ٦/ ٤٠٤ - ٤٠٦.
(٢) "بيان تلبيس الجهميّة" ٦/ ٤٠٩ - ٤١١.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٤/ ٣٧٤.