للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومثله قال أبو حاتم بن حبان حيث قال - بعد تخريج هذا الحديث -: يريد به صورة المضروب؛ لأنَّ الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضَرَب وجهًا خلق الله آدم على صورته (١).

قال الحافظ ابن حجر: واختُلف في الضمير على من يعود؟ فالأكثر على أنه يعود على المضروب لِمَا تقدم من الأمر بإكرام وجهه، ولولا أن المراد التعليل بذلك لَمْ يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها (٢).

وقد رُدَّ هذا القول وأبطلوه:

قال ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث " - في سرد أقوال الأئمة في تأويل هذا الحديث - ومنها: أن المراد أن الله خلق آدم على صورة الوجه، قال: وهذا لا فائدة فيه، والناس يعلمون أن الله تبارك وتعالى خلق آدم على خَلْق ولده، وجهه على وجوههم، وزاد قوم في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام مرَّ برجل يضرب وجه رجل آخر، فقال: "لا تضربه، فإن الله تعالى خَلْق آدم عليه الصلاة والسلام على صورته"؛ أي: صورة المضروب، وفي هذا القول من الخلل ما في الأول (٣).

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا -يعني الزيادة التي ذكرها ابن قتيبة - شيء لا أصل له، ولا يُعرف في شيء من كتب الحديث (٤).

وقال الطبراني في "كتاب السُّنَّة": حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إن رجلًا قال: خلق الله آدم على صورته؛ أي: صورة الرجل، فقال: كذب، هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الشيخ محمد الكرخي الشافعي أنه قال في كتابه: "الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزامًا لذوي البدع


(١) "صحيح ابن حبان" - كما في الإحسان - ١٢/ ٤٢٠.
(٢) "فتح الباري" ٥/ ١٨٣.
(٣) "تأويل مختلف الحديث" ص ٣١٩.
(٤) "بيان تلبيس الجهميّة" ٦/ ٤٢٤.