للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حدّ (١).

وقد انتصر لهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهميّة".

وقد ذهب بعض أهل السُّنَّة والجماعة إلى أن إضافة الصورة إلى الله من باب التشريف والتكريم، كقوله تعالى: {نَاقَةُ اللَّهِ} [الأعراف: ٧٣]، وكما يقال في الكعبة: بيت الله، ونحو ذلك (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: أقرب هذه الأقوال عندي، وأرجحها هو ما ذهب إليه الكثيرون، وانتصر له شيخ الإسلام من إثبات الصورة لله تعالى بهذا الحديث، على ما يليق بجلاله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، فلا داعي للتأويلات المتعسّفة، بل ما دلّ عليه ظاهر النصّ هو المَحْمَل الصحيح، فتأمله بالإمعان، والإنصاف.

ومما يؤيّد ذلك، أن الصورة لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - ثابتة في النصوص الصحيحة الأخرى، ومن أقواها وأبينها، ذلك ما أخرجه الشيخان (٣) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ ناسًا قالوا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ " قالوا: لا يا رسول الله!، وفيه: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتّبعه، فيتّبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتّبعونه. . ." الحديث.

فقد أثبت هذا الحديث الصحيح المتّفق عليه الصورة لله - عَزَّ وَجَلَّ -، فنثبتها كما


(١) "تأويل مختلف الحديث" ص ٣١٨.
(٢) راجع: "طرح التثريب" ٨/ ١٠٥، وهو أحد الأجوبة التي أجاب بها الشيخ ابن عثيمين عن الحديث، انظر: "شرح العقيدة الواسطية" ١/ ١٥٩، قاله صاحب رسالة "حديث الصورة" ص ١٧.
(٣) أخرجه البخاريّ (٦٥٧٣، ٧٤٣٧)، ومسلم (١٨٢).