للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَلَى أُنَاسٍ) بضمّ الهمزة، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قيل: وزنه فُعَالٌ، بِضَمّ الفَاء، مُشْتَقٌّ مِنَ الأُنس، لكن يجوزُ حذف الهمزة تخفيفًا، على غير قياس، فيبقى النَّاسَ، وعنِ الكسائيّ أن الأَناسَ والنَّاسَ لُغَتانِ بمِعَنْىً واحد، وليس أحدهما مشتقًّا من الآخر، وهو الوجهُ؛ لأنهما مادَّتَانِ مُخْتلِفَتانِ في الاشْتِقَاق، والحذف تَغْيِيرٌ، وهو خِلاف الأَصْلِ. انتهى (١).

وفي الرواية التالية: "قَالَ: مَرَّ هِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ، مِنَ الأَنْبَاطِ بِالشَّامِ".

وقوله: (وَقَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ) جملة في محل نصب على الحال، وكذا قوله: (وَصُبَّ) بضمّ الصاد المهملة، مبنيًّا للمفعول؛ أي: أُريق (عَلَى رُؤُوسِهِمُ الزَّيْتُ) دُهن الزيتون، (فَقَالَ) هشام بن حكيم - رضي الله عنه -: (مَا هَذَا؟)؛ أي: أيُّ شيء هذا الذي يُعذَّبونه هؤلاء؟ (قِيلَ) له: (يُعَذَّبُونَ) خبر لمحذوف؛ أي: هم يُعذّبون (فِي الْخَرَاجِ)؛ أي: بسبب عدم دفعهم الخراج، فـ "في" سببيّة، كما في قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ} الآية [النساء: ١٦٠]، (فَقَالَ) هشام - رضي الله عنه -: (أَمَا) بفتح الهمزة، وتخفيف الميم: أداة استفتاح وتنبيه، كـ "ألا"، (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في موضع الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيْثُ "إنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

(سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ) - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - (يُعَذِّبُ) يوم القيامة، وقوله: (الَّذِينَ) في محلّ نصب على المفعوليّة لـ "يُعذّب". (يُعَذِّبُونَ) وفي الرواية التالية: "يعذّبون الناس"، (فِي الدُّنْيَا") قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني: إذا عذبوهم ظالمين، إما في أصل التعذيب، فيعذبونهم في موضع لا يجوز فيه التعذيب، أو بزيادة على المشروع في التعذيب، إما في المقدار، وإما في الصفة، كما بيّناه في الحدود. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا محمول على التعذيب بغير حقّ، فلا يدخل فيه التعذيب بحقّ، كالقصاص، والحدود، والتعزير، ونحو ذلك (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٩٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦٧.