للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجل أفضل من أبيك، وقال هشام بن حسان، عن ابن سيرين: كان عمر مُعْجَبًا به، وكان من عَجَبه به كان يُسَمِّيه نَسِيج وحده، ويقال: إن عمر قال لأصحابه: تَمَنَّوا، فتمنى كل رجل أمنية، فقال عمر: لكنني أتمنى أن يكون لي رجال مثل عُمير أستعين بهم على أمور المسلمين، ويقال: إنه مات في خلافة عمر، ويقال: في خلافة عثمان، وقيل غير ذلك، ومناقبه كثيرة، وقد تعقب ابن الأثير قول من قال: إنه ابن أبي زيد القاريّ، بأن أنس بن مالك كان يقول في أبي زيد: هو أحد عمومتي، وأنس من الخزرج، وعمير بن سعد هذا أوسيّ، فكيف يكون ابنه؟ قال الحافظ: وهو تعقب جَيِّد. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي في قوله: "تعقّب جيّد" نظر، لماذا لا يكون أنس تجوّز في قوله: "أحد عمومتي"، أو أن عمومته كانت من جهة الرضاعة، فليُتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

وقوله: (عَلَى فِلَسْطِينَ) بكسر الفاء، وفتح اللام: هي بلاد بيت المقدس، وما حولها، قاله النوويّ (٢).

وقال المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ -: فِلَسْطُونَ، وفِلَسْطِينُ، وقد تُفْتَحُ فاؤُهما: كُورَةٌ بالشَّام، في "نورِ النِّبْراس": هي: الرَّمْلَة، وغَزَّةُ، وبَيْتُ المَقْدِس، وما وَالَاها. وفي "النِّهايَةِ": هي مَا بَيْنَ الأُرْدُنِّ، ودِيارِ مِصْرَ، وأُمُّ بِلادِها بَيْتُ المَقْدِس. وفِلَسْطِينُ: قرية، وقيلَ: مدينةٌ بالعِراقِ. وفي "التَّهذيب": نُونُها زائِدَةٌ، وقالَ غيرُه: بَلْ هي كَلِمَةٌ رُومِيَّةٌ، والعَرَبُ في إِعْرابِها عَلَى مَذْهَبَيْن، منهم مَنْ يَجْعَلُها بمَنْزِلَةِ الجمع، ويجعَلُ إِعْرابَها في الحَرْفِ الَّذي قبلَ النُّون، تَقولُ في حالِ الرَّفْعِ بالواو: هذه فِلَسْطونَ، وفي حالِ النَّصْبِ والجَرِّ بالياء، رأَيتُ فِلَسْطِينَ، ومَرَرْتُ بفَلَسْطينَ، أَو تجعَلُها بمنْزِلَةِ ما لا يَنْصَرِفُ، وتُلْزِمُها الياءَ في كلِّ حالٍ، فتَقُول: هذه فِلَسْطِينُ، ورَأَيْتُ فِلَسْطِينَ، ومَرَرْتُ بفِلَسْطِينَ، ومنهم من يَجْعلها بمنزلة الجمع، ويجعل إِعرابها في الحرف الَّذي قبل النُّون، فيقول: هذه فِلسطونَ، ورَأَيْتُ فِلَسْطِين، ومررت بفِلَسْطِينَ، والنُّونُ في كلِّ ذلِكَ مَفْتوحَةٌ، قالَ عَدِيُّ بن الرِّقاعِ [من الخفيف]:


(١) "تهذيب التهذيب" ٨/ ١٢٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦٨.