للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأمر، وعن الرحمة الكاملة السابقة، زاد في رواية: "حتى يدعه"؛ أي: لأنه ترويع للمسلم، وتخويف له، وهو حرام. (حَتَّى وَإِنْ كَانَ) المشير (أَخَاهُ)؛ أي: أخا المشار إليه، ويصحّ عكسه، (لأَبِيهِ وَأُمِّهِ")؛ يعني: وإن كان هازلًا، ولم يقصد ضربه، كأن كان شقيقه؛ لأن الشقيق لا يقصد قَتْل شقيقه غالبًا، فهو تعميم للنهي، ومبالغة في التحذير منه، مع كل أحد، وإن لم يُتّهَم، وقيّد بمطلق الأُخُوّة، ثم قيّد بأُخُوّة الأب والأم؛ إيذانأ بأن اللعب المحض العاري عن شَوْب قَصْد إذا كان حُكمه كذا، فما بالك بغيره؛ وإذا كان هذا يستحق اللعن بالإشارة، فما الظن بالإصابة؟ (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الملائكة تلعنه حتى، وإن كان" هكذا في عامّة النسخ، وفيه محذوف، وتقديره: حتى يدعه، وكذا وقع في بعض النسخ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فإن الملائكة تلعنه حتى" كذا صحّت الرواية بالاقتصار على "حتّى"، ولم يذكر المجرور بها استغناءً عنه لدلالة الكلام عليه، تقديره: حتى يترك، أو يَدَعَ، وما أشبهه، ووقع عند بعض الرواة بعد "حتى": "وإن كان أخاه لأبيه وأمه"، وعليه فيكون ما بعده ليس من كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وسقطت لبعضهم؛ يعني: فيكون ما بعده من قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمجؤ بحكم أن مساق الكلام واحدٌ، ولَعْن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للمشير بالسلاح دليل على تحريم ذلك مطلقًا، جِدًّا كان أو هزلًا، ولا يخفى وجه لَعْن من تعمّد ذلك؛ لأنَّه يريد قتل المسلم، أو جرحه، وكلاهما كبيرة، وأما إن كان هازلًا، فلأنه ترويع مسلم، ولا يحل ترويعه، ولأنه ذريعة إلى القتل، والجرح المحرَّمين، وقد نصّ في الرواية الأخرى على صحَّة مراعاة الذريعة، حيث قال: "فإنَّه لا يدري لعلّ الشيطان ينزع في يده، فيقع في حُفر من النار".

وقوله: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه"؛ يعني: أن ذلك محرّم، وإن وقع من أشفق النّاس عليه، وأقربهم رحمًا، وهو يُشعر بمنع الهزل بذلك. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "فيض القدير" ٦/ ٦٣.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٧٠.
(٣) "المفهم" ٦/ ٦٠٠ - ٦٠١.