للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المباحة، سواء كانت الشفاعة إلى سلطان، ووالٍ، ونحوهما، أو إلى أحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كفّ ظلم، أو إسقاط تعزيرٍ، أو في تخليص عطاء لمحتاج، أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرامٌ، وكذا الشفاعة في تتميم باطلٍ، أو إبطال حقّ، ونحو ذلك، فهي حرامٌ. انتهى (١).

٢ - (ومنها): الحضّ على الخير بالفعل، وبالتسبب إليه بكلّ وجه حتى يحصل الأجر بذلك.

٣ - (ومنها): أن هذا من مكارم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -؛ لِيَصِلوا جناح السائل، وطالب الحاجة، وهو تخلُّق بأخلاقه تعالى، حيث يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: "اشفع، تُشَفَّع"، وإذا أَمَر بالشفاعة عنده مع استغنائه عنها؛ لأن عنده شافعًا من نفسه، وباعثًا من وجوده، فالشفاعة عند غيره ممن يحتاج إلى تحريك داعية للخير أَولى، ففيه حثّ على الشفاعة، ودلالة على عِظَم ثوابها، والأمر للندب، وربما يَعْرِض له ما يُصَيِّر الشفاعة واجبة.

٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أن هذه الشفاعة المذكورة في الحديث هي في الحوائج، والرغبات للسلطان، وذوي الأمر والجاه، كما شهد به صَدْر الحديث ومساقه، ولا يخفى ما فيها من الأجر والثواب؛ لأنَّها من باب صنائع المعروف، وكشف الكُرَب، ومعونة الضيف؛ إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى السلطان، وذوي الأمر، ولذلك كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم -يقول - مع تواضعه وقُربه من الصغير والكبير؛ إذ كان لا يحتجب، ولا يحجب -: "أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها" (٢).

وهذا هو معنى قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: ٨٥]، قال القاضي: ويدخل في عموم الحديث الشفاعة للمذنبين فيما لا


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٧٧ - ١٧٨.
(٢) رواه الطبرانيّ، من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - بلفظ: "أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فمن أبلغ سلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبّت الله قدميه على الصراط يوم القيامة"، وهو حديث ضعيف، راجع: "ضعيف الجامع الصغير" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللهُ- ص ٩، و"السلسلة الضعيفة" له ٤/ ٩٧.