فكأنه قال: قلوب الطير رطبًا العُنّابُ، ويابسًا الْحَشَف، ومقصود هذا التمثيل الحضّ على صحبة العلماء، والفضلاء، وأهل الدين، وهو الذي يزيدك نُطْقه علمًا، وفِعْله أدبًا، ونَظَره خشية، والزجر عن مخالطة من هو على نقيض ذلك. انتهى (١).
[فائدة]: ذكر في "القاموس"، و"شرحه" فائدة نفيسة في ضبط "السَّوء" بالفتح، و"السُّوء" بالضمِّ، أحببت إيرادها هنا؛ لنفاستها، قال: سَاءه يَسوءهُ سُوءًا، بالضَّمّ، وسَوْءًا بالفتح، وسَوَاءً، كسحاب، وسَوَاءةً، كسحابةٍ، وسَوَايَةً، كعَبَايةٍ، وسَوَائِيَةً، كعَلانِيَةٍ، ومَسَاءةً، ومَسَائِيَةً مقلوبًا، وأَصله مَسَاوِئَة، كرِهوا الواو مع الهمزة؛ لأنَّهما حرفان مُسْتَثْقلان، وسُؤْتُ الرجلَ سَوَايَةً، ومَسَايَةً يُخفَّفان، ومَساءً، ومَسَائِيَّةً: فَعَلَ به ما يكرَهُ، نقيض سرَّهُ، فاسْتاءَ هو في الصنيع، ويقال: سَاءَ ما فعل فلانٌ صَنيعًا يَسوءُ؛ أي: قَبُحَ صَنيعًا، وفي "تفسير الغريب" لابن قتيبة قوله تعالى: {وَسَاءَ سَبِيلًا}[النساء: ٢٢]؛ أي: قَبُحَ هذا الفعلُ فِعْلًا وطريقًا، كما تقول: سَاءَ هذا مذهبًا، وهو منصوب على التمييز، كما قال:{وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: ٦٩]، والسُّوءُ بالضَّمِّ: الاسمُ منه، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}[الأعراف: ١٨٨] قيل: معناه: ما بي من جُنونٍ؛ لأنَّهم نسبوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الجُنون، والسُّوءُ أيضًا بمعنى الفُجور، والمُنكر، ويقال: لا خيرَ في قولِ السَّوءِ بالفتح والضمّ، إِذا فتحتَ السين فمعناه: لا خَيْرَ في قولٍ قَبيح، وإذا ضممتَ السِّين فمعناه: لا خَيْرَ في أن تقولَ سُوءًا؛ أي: لا تقل سُوءًا، وقرئ قوله تعالى:{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[الفتح: ٦] بالوجهين: الفتح، والضم، قال الفرَّاء: هو مثل قولك: رجلُ السَّوْء، والسَّوْءُ بالفتح في القراءة أَكثرُ، وقلَّما تقولُ العربُ: دائرة السُّوءِ بالضَّمّ، وقال الزجَّاج في قوله تعالى:{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[الفتح: ٦] كانوا ظنُّوا أَنْ