لن يعودَ الرسولُ والمؤمنون إلى أَهليهم، فجعلَ اللهُ دائرة السَّوْءِ عليهم، قال: ومن قرأَ: ظنَّ السُّوءِ فهو جائزٌ، قال: ولا أعلم أَحدًا قرأَ بها، إِلَّا أَنَّها قد رُوِيتْ، قال الأَزهريُّ: قولُه: لا أَعلم أحدًا إلى آخره وَهَمٌ، قرأَ ابنُ كثيرٍ، وأَبو عمرٍو: دائرةُ السّوءِ بضم السِّين ممدودًا في "سورة بَراءة"، و"سورة الفتح"، وقرأَ سائرُ القُرَّاء: السَّوْءِ بفتح السين في السُّورتين، قال: وتعجَّبتُ أَنَّ يذهَبَ على مِثْلِ الزجَّاج قِراءةُ القارِئَيْنِ الجليلين: ابنِ كثيبر، وأبي عمرٍو، وقال أَبو منصور: أَمَّا قوله: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ}[الفتح: ١٢] فلم يُقرأْ إِلَّا بالفتح، قال: ولا يجوز فيه ضمّ السين، وقد قرأَ ابنُ كثير وأبو عمرو:{دَائِرَةُ السَّوْءِ}[التوبة: ٩٨] بضم السِّين ممدودًا في السُّورتين، وقرأَ سائر القُرَّاء بالفتح فيهما، وقال الفرَّاء في "سورة براءة" في قوله تعالى: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[التوبة: ٩٨] قال: قراءة القُرَّاءِ بنصب السَّوْء، وأَراد بالسَّوْء المصدَرَ، ومن رفع السِّين جَعَله اسمًا، قال: ولا يجوز ضمُّ السِّين في قوله: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}[مريم: ٢٨]، ولا في قوله:{وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ}[الفتح: ١٢]؛ لأنَّه ضدٌّ لقولهم: هذا رجلُ صدقٍ، وثوبُ صدقٍ، وليس للسَّوْءِ هنا معنًى في بلاءٍ، ولا عذابٍ، فيُضَمّ، وقرئ قوله تعالى:{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[التوبة: ٩٨]؛ أي: الهزيمَة، والشَّرّ، والبلاء، والعذاب، والرَّدى، والفَساد، وكذا في قوله تعالى:{أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ}[الفرقان: ٤٠] بالوجهين، أَو أَنَّ المضموم هو الضَّرَرُ، وسوءُ الحال، والسَّوْءُ المفتوح من المَسَاءة، مثل الفَساد، والرَّدى، والنَّار، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى}[الروم: ١٠]، قيل: هي جهنم أَعاذنا الله منها في قراءؤ؛ أي: عند بعض القُرَّاء، والمشهور: السُّوأَى، ورجلٌ سَوْءٍ بالفتح؛ أَي: يعملُ عملَ سَوْءٍ، وإذا عرَّفته وصفتَ به، تقول: هذا رجلُ سَوْءٍ بالإضافة، وتُدخل عليه الألف واللام، فتقول: هذا رجلُ السَّوْء، قال الفرزدق [من الطويل]:
بالفتح، والإضافة، لفٌّ ونشرٌ مرتَّب، قال الأَخفش: ولا يقال: الرَّجلُ السَّوْءُ، ويقال: الحقّ اليَقينُ، وحق اليقين جميعًا؛ لأَنَّ السَّوْءَ ليس بالرَّجل، واليقينُ هو الحقُّ، قال: ولا يقال: هذا رجلُ السُّوءِ بالضَّمّ، قال ابن بَرِّيّ: