للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أَجاز الأَخفشُ أن يُقال: رجلُ السَّوْء، ورجلُ سَوْءٍ، بفتح السين فيهما، ولم يُجز: رجلُ السُّوء، بضم السِّين؛ لأَنَّ السُّوءَ اسمٌ للضُّرّ، وسوءِ الحال، وإِنَّما يُضاف إلى المصدر الذي هو فِعله، كما يقال: رجلُ الضَّرب، والطَّعن، فيقومُ مقامَ قولك: رجلٌ ضرَّابٌ، وطغانٌ، فلهذا جاز أَنَّ يقال: رجَلُ السَّوْء، بالفتح، ولم يَجُزْ أَنَّ يقال: هذا رجلُ السُّوء، بالفحمّ، وتقول في النَّكرة: رجلُ سَوْءٍ، وإذا عرَّفت قلت: هذا الرجلُ السَّوْءُ، ولم تُضِف، وتقول: هذا عملُ سَوْءٍ، ولا تقل: السَّوْءِ؛ لأنَّ السَّوْءَ يكون نعتًا للرجل، ولا يكون السَّوْءُ نعتًا للعمل؛ لأنَّ الفعل من الرجل، وليس الفعل من السَّوْء، كما تقول: قوْلُ صدقٍ، والقولُ الصِّدقُ، ورجلُ صدق، ولا تقول: رجلُ الصِّدق؛ لأنَّ الرجل ليس من الصِّدقِ. انتهى (١).

(كحَامِلِ الْمِسْكِ) قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "المِسْكُ": طِيْب معروف، وهو مُعَرَّب، والعرب تسميه المشموم، وهو عندهم أفضل الطيب، ولهذا ورد: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ الله أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ المِسْكِ" (٢)؛ ترغيبًا في إبقاء أثر الصوم، قال الفراء: المِسْكُ مُذكَّر، وقال غيره: يُذكَّر، ويؤنَّث، فيقال: هو المِسْكُ، وهي المِسْكُ، وأنشد أبو عبيدة على التأنيث قول الشاعر [من الرجز]:

وَالمِسْكُ وَالعَنْبَرُ خَيْرُ طِيبٍ … أُخِذَتَا بِالثَّمَنِ الرَّغِيبِ

وقال السجستانيّ: من أنَّث المِسْكَ جعله جمعًا، فيكون تأنيثه بمنزلة تأنيث الذهب، والعسل، قال: وواحدته مِسْكَةٌ، مثل ذهب وذهبة، قال ابن السِّكِّيت: وأصله مِسِكٌ بكسرتين، قال رؤبة:

إِنْ تُشْفَ نَفْسِي مِنْ ذُبَابَاتِ الحَسَكِ … أَحْرِ بِهَا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ المِسِكْ

وهكذا رواه ثعلب عن ابن الأعرابيّ، وقال ابن الأنباريّ: قال السجستانيّ: أصله السكون، والكسر في البيت اضطرار؛ لإقامة الوزن، وكان الأصمعيّ يُنشد البيت بفتح السين، ويقول: هو جمع مِسْكَةٍ، مثلُ خِرْقة وخِرَق، وقِرْبة وقِرَب، ويؤيد قول السجستانيّ أنه لا يوجد فِعِلٌ بكسرتين، إلا إبل، وما ذُكر معه، فتكون الكسرة لإقامة الوزن، كما قال [من الرجز]:


(١) "تاج العروس من جواهر القاموس" ص ١٣٩ - ١٤٠.
(٢) متّفقٌ عليه.