(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أنه (قَالَ:"لَا) نافية، (يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ) وفي رواية أبي حازم الآتية تقييده بقوله: "لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ"؛ أي: لم يَجْر عليهم القلم بسبب بلوغهم، وعملهم الحنث؛ أي: الذنب، (فتَمَسَّهُ النَّارُ) بالنصب بعد الفاء السببيّة، كما قال في "الخلاصة":
(إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ") -بفتح المثناة، وكسر الحاء المهملة، وتشديد اللام- أي: ما ينحلّ به القَسَم، وهو اليمين، وهو مصدر: حَلّل اليمينَ؛ أي: كفّرها، يقال: حلّل تحليلًا، وتَحِلَّةً، وتَحِلّا بغير هاء، والثالث شاذّ، وقال أهل اللغة: يقال: فعلته تحلّةَ القسم؛ أي: قدرَ ما حَلَّلتُ به يميني، ولم أُبالغ.
وقال الخطابيّ: حَلَّلت القَسَم تحلّةً؛ أي: أبررتها.
[تنبيه]: قال القرطبيّ رحمه الله: اختُلف في المراد بهذا القسم، فقيل: هو معيَّنٌ، وقيل: غير معيَّن، فالجمهور على الأول، وقيل: لم يَعْنِ به قَسَم بعينه، وإنما معناه: التقليل لأمر ورودها، وهذا اللفظ يُستعمل في هذا، تقول: لا ينام هذا إلا لتحليل الأَلِيّة، وتقول: ما ضربته إلا تحليلًا؛ إذا لم تبالغ في الضرب؛ أي: قَدْرًا يصيبه منه مكروه، وقيل: الاستثناء بمعنى الواو؛ أي: لا تَمَسُّه النار قليلًا، ولا كثيرًا، ولا تحلّةَ القسم، وقد جَوَّز الفرّاء، والأخفش مجيء "إلّا" بمعنى الواو، وجعلوا منه قوله تعالى: {لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} [النمل: ١٠، ١١]، والأول قول الجمهور، وبه جزم أبو عبيد وغيره، وقالوا: المراد به قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١]، قال الخطابيّ: معناه لا يدخل النار؛ ليعاقَب بها، ولكنه يدخلها مجتازًا، ولا يكون ذلك الجواز إلا قدر ما يُحَلِّل به الرجل يمينه، ويدلّ على ذلك ما وقع عند عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ في آخر هذا الحديث:"إلا تحلة القسم"؛ يعني: الورود، وفي "سنن سعيد بن منصور" عن سفيان بن عيينة، في آخره: ثم قرأ سفيان: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، ومن طريق زمعة بن صالح، عن الزهريّ، في آخره: قيل: وما تحلة القسم؟ قال: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، وكذا وقع من رواية كريمة في الأصل: قال أبو عبد الله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، وكذا