حكاه عبد الملك بن حبيب، عن مالك، في تفسير هذا الحديث، وورد نحوه من طريق أخرى في هذا الحديث، رواه الطبرانيّ من حديث عبد الرحمن بن بشر الأنصاريّ مرفوعًا:"من مات له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، لم يَرِد النارَ إلا عابر سبيل"؛ يعني: الجواز على الصراط، وجاء مثله من حديث آخر، أخرجه الطبرانيّ، من حديث سهل بن معاذ بن أنس الْجُهَنيّ، عن أبيه، مرفوعًا:"مَن حَرَس وراء المسلمين في سبيل الله متطوعًا، لم ير النار بعينه، إلا تحلة القسم"، فإن الله عز وجل قال:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}.
[تنبيه آخر]: اختُلف في موضع القَسَم من الآية، فقيل: هو مقدَّر؛ أي: والله إن منكم، وقيل: معطوف على القَسَم الماضي في قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ}[مريم: ٦٨]؛ أي: وربك إن منكم، وقيل: هو مستفاد من قوله تعالى: {حَتْمًا مَقْضِيًّا}؛ أي: قَسَمًا واجبًا، كذا رواه الطبرانيّ وغيره، من طريق مُرّة، عن ابن مسعود، ومن طريق ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، ومن طريق سعيد، عن قتادة، في تفسير هذه الآية.
وقال الطيبيّ: يَحْتَمِل أن يكون المراد بالقَسَم: ما دلّ على القطع والبَتِّ من السياق، فإن قوله:{كَانَ عَلَى رَبِّكَ}[الفرقان: ١٦] تذييل، وتقرير لقوله:{وَإِنْ مِنْكُمْ}، فهذا بمنزلة القسم، بل أبلغ؛ لمجيء الاستثناء بالنفي والإثبات.
[تنبيه آخر]: اختَلَف السلف في المراد بالورود في الآية، فقيل: هو الدخول، رَوى عبد الرزاق عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار: أخبرني من سمع من ابن عباس، فذكره، ورَوى أحمد، والنسائيّ، والحاكم، من حديث جابر، مرفوعًا:"الورود الدخول، لا يبقى بَرٌّ، ولا فاجر، إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا"، ورَوَى الترمذيّ، وابن أبي حاتم، من طريق السديّ: سمعت مُرّة يحدّث عن عبد الله بن مسعود، قال: يَرِدونها، أو يَلِجونها، ثم يَصْدُرون عنها بأعمالهم، قال عبد الرحمن بن مهديّ: قلت لشعبة: إن إسرائيل يرفعه، قال: صدق، وعمدًا أدعه، ثم رواه الترمذيّ عن عبد بن حميد، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، مرفوعًا.
وقيل: المراد بالورود: الممرّ عليها، رواه الطبريّ وغيره، من طريق بشر بن سعيد، عن أبي هريرة، ومن طريق أبي الأحوص، عن عبد الله بن