للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (مَعْمَرُ) بن راشد اليمنيّ، تقدّم أيضًا قريبًا.

والباقون ذُكروا في السند الماضي، والبابين الماضيين.

وقوله: (فَيَلِجَ النَّارَ) من الولوج، وهو الدخول، يقال: وَلَجَ يَلِج وُلُوجًا ولجَةً؛ أي: دخل، قال سيبويه: إنما جاء مصدره: وُلُوجًا، وهو من مصادر غير المتعدي، على معنى: وَلَجت فيه، وأولَجه: أدخله، قال الله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الحج: ٦١]؛ أي: يزيد من هذا في ذلك، ومن ذلك في هذا، قاله في "العمدة" (١).

وقوله: "فيلجَ النارَ" منصوب بـ "أَنْ" المقدرة، تقديره: فأن يلج النار؛ لأن الفعل المضارع المنفيّ يُنصب بـ "أن" المقدرة، وحَكَى الطيبيّ عن بعضهم: إنما تنصب الفاء الفعل المضارع بتقدير "أن" إذا كان ما قبلها وما بعدها سببية، ولا سببية هاهنا؛ إذ لا يجوز أن يكون موت الأولاد، ولا عدمه سببًا لولوج أبيهم النار، فالفاء بمعنى الواو التي للجمعية، وتقديره: لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من أولاده، وولوجه النار، ونظيره ما ورد: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم، ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم، فيضرَّه شيء" بالنصب، وتقديره: لا يجتمع قول عبدٍ هذه الكلمات في هذه الأوقات، وضرُّ شيء إياه، قال الطيبيّ: إن كانت الرواية على النصب فلا مَحِيد عن ذلك، والرفع يدل على أنه لا يوجد ولوج النار عقيب موت الأولاد، إلا مقدارًا يسيرًا، ومعنى فاء التعقيب كمعنى الماضي في قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: ٤٤] في أن ما سيكون بمنزلة الكائن؛ لأن ما أخبر به الصادق من المستقبل كالواقع.

وقال بعضهم (٢): وهذا قد تلقاه جماعة عن الطيبيّ، وأقروه عليه، وفيه نَظَر؛ لأن السببية حاصلة بالنظر إلى الاستثناء؛ لأن الاستثناء بعد النفي إثبات، فكان المعنى أن تخفيف الولوج مسبَّب عن موت الأولاد، وهو ظاهر؛ لأن


(١) "عمدة القاري" ٨/ ٣٣.
(٢) يعني: الحافظ ابن حجر، كما هو في "الفتح" ٣/ ٦٩٧ - ٦٩٨.