للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الولوج عامّ، وتخفيفه يقع بأمور، منها موت الأولاد بشرطه، وما ادّعاه أن الفاء بمعنى الواو التي للجمع فيه نَظَر.

قلت (١): في كل واحد من نظريه نَظَر، أما الأول، فلأنّا لا نسلّم حصول السببية بالنظر إلى الاستثناء؛ لأن الولوج هاهنا ليس على حقيقته بالاتفاق؛ لأنه بمعنى الورود، وقد مرّ أن في معناه أقوالًا، وقوله: لأن الاستثناء بعد النفي إثبات: محلّ نزاع، وقد عُلم في موضعه، وأما الثاني فأيضًا ممنوع؛ لأن الحروف ينوب بعضها عن بعض، ولم يمنع أحد عن ذلك، ألا ترى أن بعضهم قالوا: إن الاستثناء بمعنى الواو؛ أي: لا تمسه النار قليلًا، ولا كثيرًا، ولا تحلّة القَسَم، وقد جوّز الفراء، والأخفش، وأبو عبيدة مجيء "إلا" بمعنى الواو، وجعلوا منه قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [البقرة: ١٥٠]؛ أي: ولا الذين ظلموا منهم. انتهى (٢).

[تنبيه]: أما رواية سفيان بن عيينة عن الزهريّ، فساقها البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، فقال:

(١١٩٣) - حدّثنا عليّ، حدّثنا سفيان، قال: سمعت الزهريّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد، فيلجَ النار، إلا تحلّة القَسَم"، قال أبو عبد الله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}. انتهى (٣).

وساقها أيضًا أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنّفه"، فقال:

(١١٨٧٧) - حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، يرفعه، قال: "من قَدَّم ثلاثة من ولده لن يلج النار، إلا تحلة القسم". انتهى (٤).

وأما رواية معمر عن الزهريّ، فساقها عبد الرزّاق رحمه الله في "مصنّفه"، فقال:

(٢٠١٣٩) - أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهريّ، عن


(١) القائل هو: العينيّ في "عمدته".
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ٣٥.
(٣) "صحيح البخاريّ" ١/ ٤٢١.
(٤) "مصنف ابن أبي شيبة" ٣/ ٣٦.