للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ) وفي رواية للبخاريّ: "قالت النساءُ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: غلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نَفْسك". قال في "العمدة": معناه: أن الرجال يلازمونك كل الأيام، ويسمعون العلم، وأمور الدِّين، ونحن نساء ضعفة، لا نقدر على مزاحمتهم، فاجعل لنا يومًا من الأيام نسمع العِلم، ونتعلم أمور الدين (١). (فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا)؛ أي: يومًا معيّنًا من عندك، لا نعيّنه نحن من عند أنفسنا، وقولها: (نَأْتِيكَ فِيهِ) جملة في محل نصب صفة لـ "يومًا"، وقولها: (تُعَلِّمُنَا) جملة حاليّة، أو صفة بعد صفة، (مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ)؛ أي: من الوحي الذي أوحاه الله إليك. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا") ليوم سمّاه باسمه، وفي رواية ابن حبّان: "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: موعدكنّ بيت فلانة، فجاء، فتحدّث معهنّ". (فَاجْتَمَعْنَ)؛ أي: النساء في ذلك اليوم، وفي ذلك المكان، (فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ) وفي رواية للبخاريّ: "فوعدهنّ يومًا لقيهنّ فيه، فوعظهنّ، فأمرهنّ، فكان فيما قال لهنّ. . ." فذكر نحو ما هنا، قال الحافظ رحمه الله: ولم أر في شيء من طُرقه بيان ما علّمهنّ، لكن يمكن أن يؤخذ من حديث أبي سعيد الآخر الماضي في "كتاب الزكاة"، وفيه: "فمَرّ على النساء، فقال: يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار. . ." الحديث، وفيه: "فقامت امرأة، فقالت: لِمَ؟ -وفيه-: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ وأليس إذا حاضت لم تصلّ، ولم تصم. . ." والمرأة المذكورة هي أسماء. انتهى (٢).

(ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: " (مَا) نافية، (مِنْكُنَّ) متعلّق بحال مقدّر، (مِنِ امْرَأَةٍ) "من" زائدة، و"امرأة" مبتدأ خبره جملة الاستثناء؛ لأنه استثاء مفرّغ، إنما خص المرأة بالذِّكر؛ لأن الخطاب حينئذ كان للنساء، وليس له مفهوم؛ لِمَا في بقية الطرق (٣)، وقوله: (تُقَدِّمُ) جملة في محل رفع صفة "امرأة(بَيْنَ يَدَيْهَا) متعلّق بـ "تقدّم"، (مِنْ وَلَدِهَا) بفتحتين، يشمل الذَّكر والأنثى، والمفرد، والجمع (٤)،


(١) "عمدة القاري" ٢/ ١٣٤.
(٢) "الفتح" ١٧/ ١٩٩، كتاب "الاعتصام" رقم (٧٣١٠).
(٣) "الفتح" ٣/ ٦٩٤.
(٤) "الفتح" ٣/ ٦٩٥.