وقد روي هذا الحديث عن عائشة أيضًا من وجهين غير هذا، هما أضعف من هذا.
وفي حديث أبي عَقِيل يحيى بن المتوكل، عن بُهَيّة، عن عائشة زيادة في أولاد المشركين أنه قال:"والذي نفسي بيده، لئن شئت لأسمعتك تضاغيهم في النار".
وأبو عَقِيل ضعيف متروك.
قال: ولو صح في هذا الباب شيء احتَمَل أن يكون خصوصًا لقوم من المشركين، ويدل على ذلك أيضًا قوله:"لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار".
وهذا لا يكون إلا فيمن مات، وصار في النار، على أن التخصيص ليس له حظّ من النظر، والأَولى بأهل النظر أن يُعارضوا هذه الآثار بما هو أقوى مجيئًا منها عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالشهادة للأطفال كلهم بالجنة.
وقد احتجّ من ذهب إلى أن أطفال الكفار في النار، وأطفال المسلمين في الجنة بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الطور: ٢١]، وقوله عزَّ وجلَّ لنوح عليه السَّلام:{وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}[هود: ٣٦]، فلما قيل لنوح ذلك، وعُلم أنهم لا يؤمنون، وأنهم على كفرهم يموتون دعا عليهم بهلاكهم جميعًا، فقال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٦، ٢٧].
قال: وهذا عندي لا حجة فيه؛ لأنه في قوم بأعيانهم يلدون الفجار والكفار، ولا يصح الفجور والكفر إلا ممن تجري عليه الأقلام، ويلحقه التكليف.
وقال آخرون: أولاد المسلمين، وأولاد الكفار إذا ماتوا صغارًا في الجنة.
وقال بعضهم: هم خَدَم أهل الجنة؛ يعني: أولاد المشركين خاصّةً، ثم عن خنساء امرأة من بني صريم، عن عمها، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الأنبياء