للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جملة في محلّ جرّ صفة لـ "حديث"؛ أي: يرفع أبو هريرة -رضي الله عنه- ذلك الحديث إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذه من صيغ الرفع حكمًا، كما قال السيوطيّ -رضي الله عنه- في "ألفيّة الأثر" عند تعداد صيغ الرفع حكمًا:

وَهَكَذَا يَرْفَعُهُ يَنْمِيهِ … رِوَايَةً يَبْلُغْ بِهِ يَرْوِيهِ

والحامل للتابعيّ على العدول عن قول الصحابيّ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو نحوها إلى قوله: يرفعه، مع تحقّقه بأن الصحابيّ رفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كونه يشك في صيغ الرفع بعينها، هل هي سمعت، أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو نبيّ الله، أو حدّثني، أو نحوها؟ راجع تمام البحث في المسألة "شرحي" على الألفيّة المذكورة (١)، تستفد علمًا، وبالله تعالى التوفيق.

(قَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ("النَّاسُ مَعَادِنُ) جمع مَعْدن بكسر الدال، من عَدَن: إذا أقام؛ لإقامة الذهب والفضة به، أو لإقامة الناس فيها شتاءً وصيفًا، قاله الزرقانيّ رحمهُ اللهُ (٢).

وقال ابن منظور رحمهُ اللهُ: "المعدن" بكسر الدال، هو المكان الذي يثبت فيه الناس؛ لأن أهله يقيمون فيه، ولا يتحوّلون عنه شتاءً، ولا صيفًا، ومعدن كل شيء من ذلك، ومعدن الذهب والفضة سُمِّي معدنًا؛ لإنبات الله فيه جوهرهما، وإثباته إياه في الأرض، حتى عَدَن؛ أي: ثبت فيها، وقال الليث: المعدن: مكانُ كل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه، نحو معدن الذهب والفضة، والأشياء، وفي الحديث: "فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم أي: أصولها التي يُنْسَبون إليها، ويتفاخرون بها، وفلان معدن للخير والكرم: إذا جُبِل عليهما، على المَثَل. انتهى (٣).

وقال المناويّ رحمهُ اللهُ: "الناس معادن"؛ أي: أصولٌ مختلفةٌ، ما بين نفيس، وخسيس، كما أن المعدن كذلك فخيارهم في الجاهلية هم خيارهم في الإسلام، وقوله: (كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ) قال الرافعيّ رحمهُ اللهُ: وجه الشبه أن اختلاف الناس في الغرائز والطبائع، كاختلاف المعادن في الجواهر، وأن


(١) "إسعاف ذوي الوطر في شرح ألفيّة الأثر" ١/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٢) شرح الزرقانيّ" ٢/ ١٣٧.
(٣) "لسان العرب" ١٣/ ٢٧٩.