للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإمام المشهور، وهو إسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ؛ لأنه كان يبيع الْمَقَانع ونحوها في سُدَّةِ مسجد الكوفة، والجمع سُدَدٌ مثل غُرْفة وغُرَف. انتهى (١).

(فَقَالَ) الرجل: (يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ "، قَالَ) أنس -رضي الله عنه-: (فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ)؛ أي: خَضَع، وهو من باب استفعل، من السكون الدالّ على الخضوع، وقال الداوديّ؛ أي: سكن، وقال الكرمانيّ: استكان افتعل، من السكون، فالمدّ شاذّ، وقيل: استفعل من الكون، فالمدّ قياس، قاله في "العمدة" (٢).

وقال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: اسْتَكَنَ: إذا خَضَع، وذلّ، وتُزاد الأَلِف، فيقال: اسْتَكَانَ، قال ابن القَطّاع: وهو كثير في كلام العرب، قيل: مأخوذ من السكون، وعلى هذا فوزنه افتعل، وقيل: من الْكِينة، وهي الحالة السيئة، وعلى هذا فوزنه استفعل. انتهى (٣).

وقال المرتضى رحمهُ اللهُ: استكانَ الرجلُ: خَضَع، وذَلّ، ومنه حديث توبة كعب: "أما صاحباي فاستكانا، وقعدا في بيوتهما"؛ أي: خَضَعَا، وذَلَّا، ووزنه افتعل، أُشبعت حركة عَيْنه، فجاءت ألِفًا. انتهى (٤).

(ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ، وَلَا صِيَامٍ، وَلَا صَدَقَةٍ) وفي بعض النسخ: "كثير" بالثاء المثلّثة، بدل "كبير" بالموحّدة، وإضافته إلى ما بعده، من إضافة الصفة للموصوف؛ أي: صلاة كثيرة، ولا صيامًا كثيرًا، ولا صدقة كثيرة، قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: يعني بذلك: النوافل من الصلاة، والصيام، والصدقة؛ لأن الفرائض لا بدّ له، ولغيره من فعلها، فيكون معناه: أنه لم يأت منها بالكثير الذي يُعتمد عليه، ويُرجى دخول الجنّة بسببه، هذا ظاهره.

ويَحْتَمل أن يكون أراد: أن الذي فَعَله من تلك الأمور، وإن كان كثيرًا، فإنه محتقَر بالنسبة إلى ما عنده من محبّة الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه ظهر له


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٧٠ - ٢٧١.
(٢) "عمدة القاري" ٢٤/ ٢٣١.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٤) "تاج العروس" ص ٨٠٧٠.