وذكر ابن أبي حاتم، وابن جرير ها هنا آثارًا عن بعض السلف، أحببنا أن نضرب عنها صَفْحًا؛ لعدم صحتها، فلا نوردها (١). انتهى المقصود من كلام ابن كثير - رَحِمَهُ اللهُ -.
({وَإِذْ}) ظرف متعلّق بـ "اذكُر" مقدَّرًا ({تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِ}) بالإسلام ({وَأَنعَمْتَ عَلَيْهِ}) بالإعتاق، وهو زيد بن حارثة، كان من سبي الجاهليّة، اشتراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة، وأعتقه، وتبنّاه ({أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ}) في أمر طلاقها ({وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}) هو ما أعلمه الله تعالى به من أن زيدًا سيُطلّقها، ويَنكحها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعاتبه الله تعالى، قال: لَمْ قُلتَ: أمسك عليك زوجك، وقد أعلمتك أنَّها ستكون من أزواجك؟ وهذا القول هو المنصور المعوّل عليه عند الجمهور ({وَتَخْشَى النَّاسَ}) أي أن يقولوا: تزوّج زوجة ابنه ({وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}) في كلّ شيء.
وقال في "الفتح": قوله: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جحش، وزيد بن حارثة، أخرج البخاريّ في "التوحيد" من صحيحه" عن أنس - رضي الله عنه - قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اتَّقِ اللهَ، وأمسك عليك زوجك"، قال أنس: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاتِمًا شيئًا لكتم هذه الآية، قال: وكانت تفتخر على أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … الحديث، وأخرجه أحمد بلفظ: "أتى رسولَ الله زيدُ بن حارثة، فجاءه زيد يشكوها إليه، فقال له: أمسك عليك زوجك، واتق الله"، فنزلت إلى قوله {زَوَّجْنَاكَهَا} قال: يعني زينب بنت جحش، وقد أخرج ابن أبي حاتم هذه القصة، من طريق السُّدّيّ، فساقها سياقًا واضحًا حسنًا، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أُميمة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مولاه،
(١) أشار به إلى القصّة التي يذكرها كثير من المفسّرين، من أنه - صلى الله عليه وسلم - أحبّ زينب، وتمنّى أن يفارقها زيد حتى يتزوّجها، وهو منكر من القول، وزور، فلا ينبغي لمسلم أن يتفوّه به؛ لأن فيه هضمًا لجانب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحطًّا عن قدر النبوّة، نسأل الله تعالى السلامة والعافية من ذلك.