فَمَا شَاءَ مَوْلَانَا الإِلَهُ فَإِنَّهُ … يَكُونُ وَمَا لَا لَا يَكُونُ بِحِيلَةِ
وَقُدْرَتُهُ لَا نَقْصَ فِيهَا وَحُكْمُهُ … يَعُمُّ فَلَا تَخْصِيصَ فِي ذِي الْقَضِيَّةِ
أُرِيدُ بِذَا أَنَّ الْحَوَادِثَ كُلَّهَا … بِقُدْرَتهِ كَانَتْ وَمَحْضِ الْمَشِيئَةِ
وَمَالِكُنَا فِي كُلِّ مَا قَدْ أَرَادَهُ … لَهُ الْحَمْدُ حَمْدًا يَعْتَلِي كُلَّ مِدْحَةِ
فَإِنَّ لَهُ فِي الْخَلْقِ رَحْمَتُهُ سَرَتْ … وَمِنْ حِكَمٍ فَوْقَ الْعُقُولِ الْحَكِيمَةِ
أُمُورًا يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهَا إِذَا رَأَى … مِنَ الْحِكَمِ الْعُلْيَا وَكُلِّ عَجِيبَةِ
فَنُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ بِقُدْرَةٍ … وَخَلْقٍ وَإِبْرَامٍ لِحُكْمِ الْمَشِيئَةِ
فَنُثْبِتُ هَذَا كُلَّهُ لإِلَهِنَا … وَنُثْبِتُ مَا فِي ذَاكَ مِنْ كُلِّ حِكْمَةِ
وَهَذَا مَقَامٌ طَالَمَا عَجَزَ الأُولَى … نَفَوْهُ وَكَرُّوا رَاجِعِينَ بِحَيْرَةِ
وَتَحْقِيقُ مَا فِيهِ بِتَبْيِينِ غَوْرِهِ … وَتَحْرِيرِ حَقِّ الْحَقِّ فِي ذِي الْحَقِيقَةِ
هُوَ الْمَطْلَبُ الأَقْصَى لِوُرَّادِ بَحْرِهِ … وَذَا عَسِرٌ فِي نَظْمِ هَذِي الْقَصِيدَةِ
لِحَاجَتِهِ إِلَى بَيَانٍ مُحَقِّقٍ … لأَوْصَافِ مَوْلَانَا الإِلَهِ الْكَرِيمَةِ
وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَأَحْكَامِ دِينِهِ … وَأَفْعَالِهِ فِي كُلِّ هَذِي الْخَلِيقَةِ
وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ قَدْ بَانَ ظاهِرًا … وَإِلْهَامُهُ لِلْخَلْقِ أَفْضَلُ نِعْمَةِ
وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا وَخَطِّ كتَابِهِ … بَيَانُ شِفَاءٍ للنُّفُوسِ السَّقِيمَةِ
فَقَوْلُكَ لِمَ قَدْ شَاءَ مِثْلُ سُؤَالِ مَنْ … يَقُولُ فَلِمَ قَدْ كَانَ فِي الأزَليَّةِ
وَذَاكَ سُؤَالٌ يُبْطِلُ الْعَقْلُ وَجْهَهُ … وَتَحْرِيمُهُ قَدْ جَاءَ فِي كُلِّ شِرْعَةِ
وَفِي الْكَوْنِ تَخْصِيصٌ كَثِيرٌ يَدُلُّ مَنْ … لَهُ نَوْعُ عَقْلٍ أَنَّهُ بِإِرَادَةِ
وَإِصْدَارُهُ عَنْ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ … أَوِ الْقَوْلُ بِالتَّجويزِ رَمْيَةُ حَيْرَةِ
وَلَا ريبَ فِي تَعْلِيقِ كُلِّ مُسَبَّبٍ … بِمَا قَبْلَهُ مِنْ عِلَّةٍ مُوجِبَةِ
بَل الشَّأْنُ فِي الأسْبَابِ أَسْبَابِ مَا تَرَى … وَإِصْدَارُهَا عَنْ حُكْمِ مَحْضِ الْمَشِيئَةِ
وَقَوْلُكَ لِمَ شَاءَ الإِلَهُ هُوَ الَّذِي … أَزَلَّ عُقُولَ الْخَلْقِ فِي قَعْرِ حُفْرَةِ
فَإِنَّ الْمَجُوسَ الْقَائِلِينَ بِخَالِقٍ … لِنَفْعٍ وَرَبٍّ مُبْدِعٍ لِلْمَضَرَّةِ
سُؤَالُهُمُ عَنْ عِلَّةِ السِّرِّ أَوْقَعَتْ … أَوَائِلَهُمْ فِي شُبْهَةِ الثَّنَوِيَّةِ
وَإِنَّ مَلَاحِيدَ الْفَلَاسِفَةِ الأُولَى … يَقُولُونَ بِالْفِعْلِ الْقَدِيمِ لِعِلَّةِ
بَغَوْا عِلَّةً لِلْكَوْنِ بَعْدَ انْعِدَامِهِ … فَلَمْ يَجِدُوا ذَاكُمْ فَضَلُّوا بِضِلَّةِ