للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَتَرْكُ عُقُوبَاتِ الَّذِينَ قَدِ اعْتَدَوْا … وَتَرْكُ الْوَرَى الإِنْصَافَ بَيْنَ الرَّعِيَّةِ

فَلَا تُضْمَنَنْ نَفْسٌ وَمَالٌ بِمِثْلِهِ … وَلَا يُعْقَبَنْ عَادٍ بمِثْلِ الْجَرِيمَةِ

وَهَلْ فِي عُقُولِ النَّاسِ أَو فِي طِبَاعِهِمْ … قَبُولٌ لِقَوْلِ النَّذْلِ (١) مَا وَجْهُ حِيلَتِي

وَيَكْفِيكَ نَقْضًا مَا بِجِسْمِ ابْنِ آدَمِ … صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكُلِّ بَهِيمَةِ

مِنَ الأَلَمِ الْمَقْضِيِّ فِي غَيْرِ حِيلَةٍ … وَفِيمَا يَشَاءُ اللهُ أَكْمَلُ حِكْمَةِ

إِذَا كَانَ فِي هَذَا لَهُ حِكْمَةٌ فَمَا … يُظَنُّ بِخَلْقِ الْفِعْلِ ثُمَّ الْعُقُوبَةِ

وَكَيْفَ وَمِنْ هَذَا عَذَابٌ مُوَلَّدٌ … عَنِ الْفِعْلِ فِعْلِ الْعَبْدِ عِنْدَ الطَّبِيعَةِ

كَآكِلِ سُمٍّ أَوْجَبَ الْمَوْتَ أَكْلُهُ … وَكُلٌّ بِتَقْدِيرٍ لِرَبِّ الْبَرِيَّةِ

فَكُفْرُكَ يَا هَذَا كَسُمٍّ أَكَلْتَهُ … وَتَعْذِيبُ نَارٍ مِثْلُ جُرْعَةِ غُصَّةِ

أَلَسْتَ تَرَى فِي هَذِهِ الدَّارِ مَنْ جَنَى … يُعَاقَبُ إِمَّا بالْقَضَا أَو بِشِرْعَةِ

وَلَا عُذْرَ لِلْجَانِي بِتَقْديرِ خَالِقٍ … كَذَلِكَ فِي الأُخْرَى بِلَا مَثْنَوِيَّةِ

وَتَقْدِيرُ رَبِّ الْخَلْقِ لِلذَّنْبِ مُوجِبٌ … لِتَقْدِيرِ عُقْبَى الذَّنْبِ إِلَّا بِتَوْبَةِ

وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَتَابِ لِرَفْعِهِ … عَوَاقِبَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ الْخَبِيثَةِ

كَخَيْرٍ تُمْحَى بِهِ الذُّنُوبُ وَدَعْوَةٍ … تُجَابُ مِنَ الْجَانِي وَرُبَّ شَفَاعَةِ

وَقَوْلُ حَلِيفِ الشَّرِّ إِنِّي مُقَدَّرٌ … عَلَيَّ كَقَوْلِ الذِّئْبِ هَذِي طَبِيعَتِي

وَتَقْدِيرُهُ لِلْفِعْلِ يَجْلُبُ نِقْمَةً … كَتَقْدِيرِهِ الأَشْيَاءَ طُرًّا بِعِلَّةِ

فَهَلْ يَنْفَعَنْ عُذْرُ الْمَلُومِ بأنَّهُ … كَذَا طَبْعُهُ أَمْ هَلْ يُقَالُ لِعَثْرَةِ؟

أَمِ الذَّمُّ وَالتَّعْذِيبُ أَوْكَدُ لِلَّذِي … طَبِيعَتُهُ فِعْلُ الشُّرُورِ الشَّنِيعَةِ

فَإِنْ كُنْتَ تَرْجُو أَنْ تُجَابَ بِمَا عَسَى … يُنَجِّيكَ مِنْ نَارِ الإِلَهِ الْعَظِيمَةِ

فَدُونَكَ رَبَّ الْخَلْقِ فَاقْصِدْهُ ضَارِعًا … مُرِيدًا لأَنْ يَهْدِيكَ نَحْوَ الْحَقِيقَةِ

وَذَلِّلْ قِيَادَ النَّفْسِ لِلْحَقِّ وَاسْمَعَنْ … وَلَا تُعْرِضَنْ عَنْ فِكْرَةٍ مُسْتَقِيمَةِ

وَمَا بَانَ مِنْ حَقٍّ فَلَا تَتْرُكَنَّهُ … وَلَا تَعْصِ مَنْ يَدْعُو لأَقْوَمِ شِرْعَةِ

وَدَعْ دِينَ ذَا الْعَادَاتِ لَا تَتْبَعَنَّهُ … وَعُجْ عَنْ سَبِيلِ الأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ

وَمَنْ ضَلَّ عَنْ حَقٍّ فَلَا تَقْفُوَنَّهُ … وَزِنْ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ بِالْمَعْدِلِيَّةِ


(١) "النذل" بفتح، فسكون، و"النذيل": الخسيس من الناس. اهـ "ق".