وَتَرْكُ عُقُوبَاتِ الَّذِينَ قَدِ اعْتَدَوْا … وَتَرْكُ الْوَرَى الإِنْصَافَ بَيْنَ الرَّعِيَّةِ
فَلَا تُضْمَنَنْ نَفْسٌ وَمَالٌ بِمِثْلِهِ … وَلَا يُعْقَبَنْ عَادٍ بمِثْلِ الْجَرِيمَةِ
وَهَلْ فِي عُقُولِ النَّاسِ أَو فِي طِبَاعِهِمْ … قَبُولٌ لِقَوْلِ النَّذْلِ (١) مَا وَجْهُ حِيلَتِي
وَيَكْفِيكَ نَقْضًا مَا بِجِسْمِ ابْنِ آدَمِ … صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكُلِّ بَهِيمَةِ
مِنَ الأَلَمِ الْمَقْضِيِّ فِي غَيْرِ حِيلَةٍ … وَفِيمَا يَشَاءُ اللهُ أَكْمَلُ حِكْمَةِ
إِذَا كَانَ فِي هَذَا لَهُ حِكْمَةٌ فَمَا … يُظَنُّ بِخَلْقِ الْفِعْلِ ثُمَّ الْعُقُوبَةِ
وَكَيْفَ وَمِنْ هَذَا عَذَابٌ مُوَلَّدٌ … عَنِ الْفِعْلِ فِعْلِ الْعَبْدِ عِنْدَ الطَّبِيعَةِ
كَآكِلِ سُمٍّ أَوْجَبَ الْمَوْتَ أَكْلُهُ … وَكُلٌّ بِتَقْدِيرٍ لِرَبِّ الْبَرِيَّةِ
فَكُفْرُكَ يَا هَذَا كَسُمٍّ أَكَلْتَهُ … وَتَعْذِيبُ نَارٍ مِثْلُ جُرْعَةِ غُصَّةِ
أَلَسْتَ تَرَى فِي هَذِهِ الدَّارِ مَنْ جَنَى … يُعَاقَبُ إِمَّا بالْقَضَا أَو بِشِرْعَةِ
وَلَا عُذْرَ لِلْجَانِي بِتَقْديرِ خَالِقٍ … كَذَلِكَ فِي الأُخْرَى بِلَا مَثْنَوِيَّةِ
وَتَقْدِيرُ رَبِّ الْخَلْقِ لِلذَّنْبِ مُوجِبٌ … لِتَقْدِيرِ عُقْبَى الذَّنْبِ إِلَّا بِتَوْبَةِ
وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَتَابِ لِرَفْعِهِ … عَوَاقِبَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ الْخَبِيثَةِ
كَخَيْرٍ تُمْحَى بِهِ الذُّنُوبُ وَدَعْوَةٍ … تُجَابُ مِنَ الْجَانِي وَرُبَّ شَفَاعَةِ
وَقَوْلُ حَلِيفِ الشَّرِّ إِنِّي مُقَدَّرٌ … عَلَيَّ كَقَوْلِ الذِّئْبِ هَذِي طَبِيعَتِي
وَتَقْدِيرُهُ لِلْفِعْلِ يَجْلُبُ نِقْمَةً … كَتَقْدِيرِهِ الأَشْيَاءَ طُرًّا بِعِلَّةِ
فَهَلْ يَنْفَعَنْ عُذْرُ الْمَلُومِ بأنَّهُ … كَذَا طَبْعُهُ أَمْ هَلْ يُقَالُ لِعَثْرَةِ؟
أَمِ الذَّمُّ وَالتَّعْذِيبُ أَوْكَدُ لِلَّذِي … طَبِيعَتُهُ فِعْلُ الشُّرُورِ الشَّنِيعَةِ
فَإِنْ كُنْتَ تَرْجُو أَنْ تُجَابَ بِمَا عَسَى … يُنَجِّيكَ مِنْ نَارِ الإِلَهِ الْعَظِيمَةِ
فَدُونَكَ رَبَّ الْخَلْقِ فَاقْصِدْهُ ضَارِعًا … مُرِيدًا لأَنْ يَهْدِيكَ نَحْوَ الْحَقِيقَةِ
وَذَلِّلْ قِيَادَ النَّفْسِ لِلْحَقِّ وَاسْمَعَنْ … وَلَا تُعْرِضَنْ عَنْ فِكْرَةٍ مُسْتَقِيمَةِ
وَمَا بَانَ مِنْ حَقٍّ فَلَا تَتْرُكَنَّهُ … وَلَا تَعْصِ مَنْ يَدْعُو لأَقْوَمِ شِرْعَةِ
وَدَعْ دِينَ ذَا الْعَادَاتِ لَا تَتْبَعَنَّهُ … وَعُجْ عَنْ سَبِيلِ الأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ
وَمَنْ ضَلَّ عَنْ حَقٍّ فَلَا تَقْفُوَنَّهُ … وَزِنْ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ بِالْمَعْدِلِيَّةِ
(١) "النذل" بفتح، فسكون، و"النذيل": الخسيس من الناس. اهـ "ق".