للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هُنَالِكَ تَبْدُو طَالِعَاتٌ مِنَ الْهُدَى … تُبَشِّرُ مَنْ قَدْ جَاءَ بِالْحَنِيفِيَّةِ

بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ذَاكَ إِمَامُنَا … وَدِينِ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ

فَلَا يَقْبَلُ الرَّحْمَنُ دِينًا سِوَى الَّذِي … بِهِ جَاءَتِ الرُّسْلُ الْكِرَامُ السَّجِيَّةِ

وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَاشِرُ الْخَاتِمُ الَّذِي … حَوَى كُلَّ خَيْرٍ فِي عُمُومِ الرِّسَالَةِ

وَأَخْبَرَ عَنْ رَبِّ الْعِبَادِ بِأَنَّ مَنْ … غَدا عَنْهُ فِي الأُخْرَى بِأَقْبَحِ خَيْبَةِ

فَهَذِي دَلَالَاتُ الْعِبَادِ لِحَائِرٍ … وَأَمَّا هُدَاهُ فَهْوَ فِعْلُ الرُّبُوبَةِ

وَفَقْدُ الْهُدَى عِنْدَ الْوَرَى لَا يُفِيدُ مَنْ … غَدا عَنْهُ بَلْ يُجْزَى بِلَا وَجْهِ حُجَّةِ

وَحُجَّةُ مُحْتَجٍّ بِتَقْدِيرِ رَبِّهِ … تَزِيدُ عَذَابًا كَاحْتِجَاجِ مَرِيضَةِ

وَأَمَّا رِضَانَا بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا … أُمِرْنَا بِأَنْ نَرْضَى بِمِثْلِ الْمُصِيبَةِ

كَسُقْمٍ وَفَقْرٍ ثُمَّ ذُلٍّ وَغُرْبَةٍ … وَمَا كَانَ مِنْ مُؤْذٍ بِدُونِ جَرِيمَةِ

فَأَمَّا الأَفَاعِيلُ الَّتِي كُرِهَتْ لَنَا … فَلَا نَرْتَضِي مَسْخُوطَةً لِمَشِيئَةِ

وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أُولي الْعِلْمِ لَا رِضَا … بِفِعْلِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ الْكَبِيرَةِ

وَقَالَ فَرِيقٌ نَرْتَضِي بِقَضَائِهِ … وَلَا نَرْتَضِي الْمَقْضِيَّ أَقْبَحِ خَصْلَةِ

وَقَالَ فَرِيقٌ نَرْتَضِي بِإِضَافَةٍ … إِلَيْهِ وَمَا فِينَا فَنَلْقَى بِسَخْطَةِ

كَمَا أَنَّهَا لِلرَّبِّ خَلْقٌ وَأَنَّهَا … لِمَخْلُوقِهِ لَيْسَتْ كَفِعْلِ الْغَرِيزَةِ

فَنَرْضَى مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ خَلْقُهُ … وَنَسْخَطُ مِنْ وَجْهِ اكْتِسَابِ الْخَطِيئَةِ

وَمَعْصِيَةُ الْعَبْدِ الْمُكَلَّفِ تَرْكُهُ … لِمَا أَمَرَ الْمَوْلَى وَإِنْ بِمَشِيئَةِ

فَإِنَّ إِلَهَ الْخَلْقِ حَقٌّ مَقَالُهُ … بِأَنَّ الْعِبَادَ فِي جَحِيمٍ وَجَنَّةِ

كَمَا أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ هَكَذَا … بَلِ الْبُهْمُ فِي الآلَامِ أَيْضًا وَنِعْمَةِ

وَحِكْمَتُهُ الْعُلْيَا اقْتَضَتْ مَا اقْتَضَتْ مِنَ الْـ … فُرُوقِ بِعِلْمٍ ثُمَّ أَيْدٍ وَرَحْمَةِ

يَسُوقُ أُولي التَّعْذِيبِ بِالسَّبَبِ الَّذِي … يُقَدِّرُهُ نَحْوَ الْعَذَابِ بِعِزَّةِ

وَيَهْدِي أُولي التَّنْعِيمِ نَحْوَ نَعِيمِهِمْ … بِأَعْمَالِ صِدْقٍ فِي رَجَاءٍ وَخَشْيَةِ

وَأَمْرُ إِلَهِ الْخَلْقِ بَيَّنَ مَا بِهِ … يَسُوقُ أُولي التَّنْعِيمِ نَحْوَ السَّعَادَةِ

فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ أَثَّرَتْ … أَوَامِرُهُ فِيهِ بِتَيْسِيرِ صَنْعَةِ

وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ لَمْ يَنَلْ … بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ بِتَقْدِيرِ شِقْوَةِ

وَلَا مَخْرَجَ لِلْعَبْدِ عَمَّا بِهِ قَضَى … وَلَكِنَّهُ مُخْتارُ حُسْنٍ وَسَوْأَةِ