وفي حديث حذيفة بن أَسِيد، من رواية عكرمة بن خالد، عن أبي الطفيل عنه، أن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلةً، ثم يتسوَّر عليها الملَك، وكذا في رواية يوسف المكيّ، عن أبي الطفيل عند الفريابيّ، وعنده، وعند مسلم، من رواية عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل:"إذا مرَّ بالنطفة ثلاث وأربعون" وفي نسخة: "اثنتان وأربعون ليلة"، وفي رواية ابن جريج، عن أبي الزبير، عند أبي عوانة:"اثنتان وأربعون"، وهي عند مسلم، لكن لم يَسُق لفظها، قال: مثل عمرو بن الحارث، وفي رواية ربيعة بن كلثوم، عن أبي الطفيل، عند مسلم أيضًا:"إذا أراد الله أن يخلق شيئًا يأذن له لبضع وأربعين ليلة".
وفي رواية عمرو بن دينار، عن أبي الطفيل:"يدخل الملَك على النطفة بعدما تستقرّ في الرحم بأربعين، أو خمس وأربعين"، وهكذا رواه ابن عيينة، عن عمرو، عند مسلم.
ورواه الفريابيّ من طريق محمد بن مسلم الطائفيّ، عن عمرو، فقال:"خمسة وأربعين ليلة"، فجزم بذلك.
فحاصل الاختلاف: أن حديث ابن مسعود لم يَختلف في ذِكر الأربعين، وكذا في كثير من الأحاديث، وغالبها، كحديث أنس عند البخاريّ لا تحديد فيه، وحديث حذيفة بن أَسيد اختلفت ألفاظ نَقَلَتِه، فبعضهم جزم بالأربعين، كما في حديث ابن مسعود، وبعضهم زاد ثنتين، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو بضعًا، ثم منهم من جزم، ومنهم من تردد.
وقد جمع بينها القاضي عياض بأنه ليس في رواية ابن مسعود بأن ذلك يقع عند انتهاء الأربعين الأُولى، وابتداء الأربعين الثانية، بل أطلق الأربعين، فاحتَمَلَ أن يريد: أن ذلك يقع في أوائل الأربعين الثانية.
ويَحْتَمِل أن يُجمع الاختلاف في العدد الزائد، على أنه بحسب اختلاف الأجنّة، وهو جيّد، لو كانت مخارج الحديث مختلفة، لكنها متّحدة، وراجعة إلى أبي الطفيل، عن حذيفة بن أَسِيد، فدلّ على أنه لم يضبط القَدْر الزائد على الأربعين، والخَطْب فيه سهل، وكلّ ذلك لا يدفع الزيادة التي في حديث مالك بن الحويرث في إحضار الشَّبَه في اليوم السابع، وأن فيه يبتدئ الجمع