للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن عمر في "صحيح ابن حبان" دون تلاوة الآية، وزاد: "حتى النكبة يُنكبها"، وأخرجه أبو داود في "كتاب القَدَر" المُفْرَد. انتهى (١).

وقال ابن أبي جمرة رحمه الله (٢): في الحديث في رواية أبي الأحوص يَحْتَمِل أن يكون المأمور بكتابته الأربع المأمور بها، وَيحْتَمل غيرها، والأول أظهر؛ لِمَا بيّنته بقيّة الروايات. انتهى.

[تنبيه]: حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يومًا في ثلاثة أطوار، كلُّ طور منها في أربعين، ثم بعد تكملتها يُنفخ فيه الروح، وقد ذَكَر الله تعالى هذه الأطوار الثلاثة من غير تقييد بمدة في عِدة سُوَر، منها في "سورة الحج" قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} [الحج: ٥] ودلت هذه الآية على أن التخليق يكون للمضغة، وبَيّن الحديثُ أن ذلك يكون فيها إذا تكاملت الأربعين، وهي المدة التي إذا انتهت سُمِّيت مضغة، وذكر الله النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة في سُوَر أخرى، وزاد في سورة {قَدْ أَفْلَحَ} بعد المضغة: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} الآية [المؤمنون: ١٤]، ويؤخذ منها، ومن حديث الباب أن تصيير المضغة عظامًا بعد نَفْخ الروح. ووقع في آخر رواية أبي عبيدة المتقدِّم ذِكرها قريبًا بعد ذِكر المضغة: "ثم تكون عظامًا أربعين ليلة، ثم يكسو الله العظام لحمًا".

وقد رَتَّبَ الأطوار في الآية بالفاء؛ لأن المراد: أنه لا يتخلل بين الطورين طَوْر آخر، ورتَّبها في الحديث بـ "ثُمَّ " إشارة إلى المدة التي تتخلل بين الطورين ليتكامل فيها الطور، وإنما أتى بـ "ثم" بين النطفة والعَلَقة؛ لأن النطفة قد لا تتكوّن إنسانًا، وأتى بـ "ثم" في آخر الآية عند قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} الآية [المؤمنون: ١٤] ليدل على ما يتجدد له بعد الخروج من بطن أمه، وأما الإتيان بـ "ثم" في أول القصة بين السُّلالة والنطفة، فللإشارة إلى ما تخلل بين خَلْق آدم وخَلْق ولده.


(١) "الفتح" ١٥/ ١٩٤ - ١٩٥.
(٢) "بهجة النفوس" ٣/ ٢٢٢.