والمراد من كتابة الرزق: تقديره قليلًا أو كثيرًا، وصفته حرامًا، أو حلالًا، وبالأجل هل هو طويل، أو قصير، وبالعمل هو صالح، أو فاسد.
ووقع لأبي داود من رواية شعبة والثوري جميعًا عن الأعمش:"ثم يُكتب شقيًّا أو سعيدًا". ومعنى قوله:"شقيّ، أو سعيد" أن الملك يكتب إحدى الكلمتين، كأن يكتب مثلًا: أجل هذا الجنين كذا، ورزقه كذا، وعمله كذا، وهو شقيّ باعتبار ما يُختم له، وسعيد باعتبار ما يُختم له، كما دل عليه بقية الخبر، وكان ظاهر السياق أن يقول: ويكتب شقاوته، وسعادته، لكن عَدَلَ عن ذلك؛ لأن الكلام مسوق إليهما، والتفصيل وارد عليهما، أشار إلى ذلك الطيبيّ رحمه الله.
ووقع في حديث أنس:"إن الله وَكَّلَ بالرحم ملكًا، فيقول: أيْ رب أَذَكر أو أنثى؟ "، وفي حديث عبد الله بن عمرو:"إذا مكثت النطفة في الرحم أربعين ليلة، جاءها ملك، فقال: اخلق يا أحسن الخالقين، فيقضي الله ما شاء، ثم يدفع إلى الملك، فيقول: يا رب أسِقْطٌ أم تامّ؟، فيبيّن له، ثم يقول: أواحد أم توأم؟ فيبيّن له، فيقول: أذَكر أم أنثى؟ فيبيّن له، ثم يقول: أناقص الأجل أم تامّ الأجل؟ فيبيّن له، ثم يقول: أشقيّ أم سعيد؟ فيبيّن له، ثم يقطع له رزقه مع خلقه، فيهبط بهما".
ووقع في غير هذه الرواية أيضًا زيادة على الأربع، ففي رواية عبد الله بن ربيعة، عن ابن مسعود:"فيقول: اكتب رزقه، وأثره، وخلقه، وشقيّ أو سعيد".
وفي رواية خُصيف، عن أبي الزبير، عن جابر من الزيادة:"أي رب مصيبته؟ فيقول: كذا وكذا".
وفي حديث أبي الدرداء، عند أحمد، والفريابيّ:"فرغ الله إلى كل عبد من خمس: من عمله، وأجله، ورزقه، وأثره، ومضجعه".
وأما صفة الكتابة: فظاهر الحديث أنها الكتابة المعهودة في صحيفته، ووقع ذلك صريحًا في حديث حذيفة بن أَسِيد الآتية عند مسلم:"ثم تطوى الصحيفة، فلا يزاد فيها، ولا ينقص"، وفي رواية الفريابيّ:"ثم تُطْوَى تلك الصحيفة إلى يوم القيامة".
ووقع في حديث أبي ذرّ:"فيقضي الله ما هو قاضٍ، فيكتب ما هو لاقٍ، بين عينيه، وتلا أبو ذرّ خمس آيات من فاتحة سورة التغابن"، ونحوه في حديث