للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤] وسنده منقطع، وهذا لا ينافي التقييد بالعشر الزائدة.

ومعنى إسناد النفخ للملك أنه يفعله بأمر الله، والنفخ في الأصل: إخراج ريح من جوف النافخ؛ ليدخل في المنفوخ فيه، والمراد بإسناده إلى الله تعالى أن يقول له: كن، فيكون.

وجَمَع بعضهم بأن الكتابة تقع مرتين، فالكتابة الأُولى في السماء، والثانية في بطن المرأة، ويَحْتَمِل أن تكون إحداهما في صحيفة، والأخرى على جبين المولود، وقيل: يَختلف باختلاف الأجنة، فبعضها كذا، وبعضها كذا، والأول أَولى (١).

(ويُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ)؛ أي: يؤمر بكتب أربعة أشياء من أحوال الجنين، والمراد بالكلمات: القضايا المقدرّة، وكل قضيّة تسمى كلمة، وقوله: (بِكَتْبِ رِزْقِه، وَأَجَلِه، وَعَمَلِهِ) بدل من الجارّ والمجرور قبله، وفي بعض النسخ: "يكتب رزقه"، فالجملة مستأنفة، ووجّه في "الفتح" هذه النسخة، وفي رواية أبي الأحوص عن الأعمش: "فيؤمر بأربع كلمات"، ويقال له: اكتب، فذَكَر الأربع، وقوله: (وَشَقِيٌّ، أَو سَعِيدٌ) بالرفع خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو، والجملة عَطْف على مفعول "اكتُب"؛ لأنه أريدَ بها لَفْظها باعتبار الوجود الْكَتْبيّ، دون اللفظيّ، فإن اللفظ لا يكون لفظًا إلا بالتلفّظ، لا بالكتابة، ثم الترديد في الحكاية، لا في المحكيّ، وإنما جاءت الحكاية على لفظ الترديد نظرًا إلى التوزيع والتقسيم على آحاد المولود، فمنهم شقيّ وسعيد. قاله السنديّ (٢).

قال في "الفتح": وتكلّف الخوبي في قوله: إنه يؤمر بأربع كلمات، فيكتب منها ثلاثًا، والحقّ أن ذلك من تصرّف الرواة، والمراد: أنه يكتب لكل أحد إما السعادة، وإما الشقاء، ولا يكتبهما لواحد معًا، وإن أمكن وجودهما منه؛ لأن الحكم إذا اجتمعا للأغلب، وإذا ترتبا فللخاتمة، فلذلك اقتصر على أربع، وإلا لقال: خمس.


(١) "الفتح" ١٥/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٢) "شرح السنديّ على ابن ماجه" ١/ ٥٨.