الأعمش:"قال: فوالذي لا إله غيره"، قال في "الفتح": وهذه محتملة لأن يكون القائل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيكون الخبر كله مرفوعًا، ويَحْتَمِل أن يكون بعض رواته، ووقع في رواية وهب بن جرير عن شعبة بلفظ:"حتى أن أحدكم ليعمل"، ووقع في رواية زيد بن وهب ما يقتضي أنه مدرَج في الخبر من كلام ابن مسعود، لكن الإدراج لا يثبت بالاحتمال، وأكثر الروايات يقتضي الرفع، إلا رواية وهب بن جرير، فبعيدة من الإدراج، فأخرج أحمد، والنسائيّ من طريق سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود نحو ديث الباب، وقال بعد قوله:"واكتبه شقيًّا، أو سعيدًا، ثم قال: والذي نفس عبد الله بيده إن الرجل ليعمل"، كذا وقع مفصّلًا في رواية جماعة عن الأعمش، منهم المسعوديّ، وزائدة، وزهير بن معاوية، وعبد الله بن إدريس، وآخرون فيما ذكره الخطيب.
وقد روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه أصل الحديث بدون هذه الزيادة، وكذا أبو وائل وعلقمة وغيرهما عن ابن مسعود، وكذا اقتصر حبيب بن حسان عن زيد بن وهب، وكذا وقع في معظم الأحاديث الواردة عن الصحابة، كأنس، وحذيفة بن أسيد، وابن عمر، وكذا اقتصر عبد الرحمن بن حميد الرؤاسيّ عن الأعمش، على هذا القَدْر.
نعم؛ وقعت هذه الزيادة مرفوعة في حديث سهل بن سعد عند البخاريّ، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم، وفي حديث عائشة عند أحمد، وفي حديث ابن عمر، والْعُرس بن عَمِيرة في البزار، وفي حديث عمرو بن العاص، وأكثم بن أبي الجون في الطبرانيّ.
لكن وقعت في حديث أنس من وجه آخر قويّ مفردة من رواية حميد، عن الحسن البصريّ عنه، ومن الرواة مَنْ حَذَف الحسن بين حميد وأنس، فكأنه كان تامًّا عند أنس، فحدَّث به مفرّقًا، فحفظ بعض أصحابه ما لم يحفظ الآخر عنه، فيقوى على هذا أن الجميع مرفوع، وبذلك جزم المحبّ الطبريّ، وحينئذ تُحمل رواية سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب على أن عبد الله بن مسعود لِتَحَقُّق الخبر في نفسه أقْسَم عليه، ويكون الإدراج في القَسَم، لا في المقسَم عليه، وهذا غاية التحقيق في هذا الموضع.