للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الباجيّ إلى خلاف هذا، وليس كما قال. انتهى (١).

أي: في شأن القدر، (فَنَزَلَتْ) الآية، وهي قوله تعالى: ({يَوْمَ يُسْحَبُونَ}) بالبناء للمفعول؛ أي: يُجرّ المشركون ({فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}) ويقال لهم عند سحبهم وإلقائهم في نار جهنّم: ({ذُوقُوا}) على إنكاركم القدر، ({مَسَّ سَقَرَ})؛ أي: إصابة نار جهنّم لكم، قال النسفيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هو كقولك: وجد مسّ الْحُمّى، وذاق طعم الضرب؛ لأن النار إذا أصابتهم بحرّها فكأنها تمسّهم مسًّا. و"سقر" غير منصرف؛ للتأنيث والتعريف؛ لأنها عَلَم لجهنّم، مِن سَقَرتهُ النارُ: إذا لوّحته. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: و"سقر" اسم من أسماء جهنم لا ينصرف؛ لأنه اسم مؤنّث معرفةٌ، وكذا لظى، وجهنم. وقال عطاء: "سقر" الطبق السادس من جهنّم. وقال قُطرُب: "سقر" من سَقَرته الشمس، وصقرته: لَوّحته، ويوم مُسَمْقِرٌ، ومُصَمْقِرٌ: شديد الحرّ. انتهى (٣).

({إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ}) بنصب "كلّ" بفعل يفسّره قوله: ({خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}) القدر بفتحتين، أو بفتح فسكون: التقدير؛ أي: بتقدير سابق، أو خَلَقْنا كل شيء مقدّرًا محكمًا مرتّبًا على حَسَب ما اقتضته الحكمة، أو مقدّرًا مكتوبًا في اللوح، معلومًا قبل كونه، قد علمنا حاله، وزمانه. قاله النسفيّ (٤).

وقال أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر -رَحِمَهُ اللهُ-: قرأ العامّة: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ} قرأ العامّة "كلّ" بالنصب، وقرأ أبو السّمّال: "كلّ" بالرفع على الابتداء، ومن نَصَب فبإضمار فِعل، وهو اختيار الكوفيين؛ لأن "إنّ" تطلب الفعل فهي به أَولى، والنصب أدلّ على العموم في المخلوقات لله تعالى؛ لأنك لو حذفت "خلقنا" المفسّر، وأظهرت الأول لصار: إنا خلقنا كلَّ شيء بقدر، ولا يصحّ كون خلقنا صفة لـ "شيء"؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف، ولا تكون تفسيرًا لِمَا يعمل فيما قبله. انتهى (٥).


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٢٠٥.
(٢) "تفسير النسفيّ" ٤/ ٢٠٦.
(٣) "تفسير القرطبيّ" ١٧/ ١٤٧.
(٤) "تفسير النسفيّ" ٤/ ٢٠٦.
(٥) "تفسير القرطبيّ" ١٧/ ١٤٧.