للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: إنما سميت هذه الأشياء زنا؛ لأنها دواعي إليه (١). (وَزِنَى اللِّسَانِ النُّطْقُ)؛ أي: التكلم على وجه الحرمة كالمواعدة.

وفي رواية للبخاريّ: "المنطق"، وهو بمعنى النطق، (وَالنَّفْسُ)؛ أي: القلب، كما في الرواية التالية، ولعل النفس إذا طلبت تبعها القلب. (تَمَنَّى) بفتح أوله، على حذف إحدى التاءين، والأصل: تتمنى، كما في {تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، و {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} [القدر: ٤]، قال في "الخلاصة":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ … فِيهِ عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"

(وَتَشْتَهِي)؛ أي: تشتاق إلى أن تقع في الزنا، والشهوة: اشتياق النفس إلى الشيء (٢)، ولعله عَدَل عن سنن السابق؛ لإفادة التجدد؛ أي: زنا النفس تمنيها، واشتهاؤها وقوعَ الزنى الحقيقيّ (٣). (وَالْفَرْجُ) بفتح الفاء، وسكون الراء: يُطلق على القُبُل والدبر؛ لأن كل واحد منفرجٌ؛ أي: منفتح، وأكثر استعماله في العُرف في القُبُل (٤). (يُصَدِّقُ ذَلِكَ، أَو يُكَذِّبُهُ")؛ أي: إن فَعَل بالفرج ما هو المقصود من ذلك، صار الفرج مصدِّقًا لتلك الأعضاء، وإن ترك ما هو المقصود من ذلك، فقد صار الفرج مكذِّبًا لها.

وقال في "العمدة": قوله: "والفرج يصدق ذلك" المذكور من زنا العين، وزنا اللسان، والتصديق بالفعل، والتكذيب بالترك، وقيل: التصديق والتكذيب من صفات الإخبار، فما معناهما هنا؟.

وأجيب بأنه لمّا كان التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع، والتكذيب الحكم بعدمها، فكأنه هو الْمُوقِع، أو الدافع، فهو تشبيه، أو لمّا كان الإيقاع مستلزمًا للحكم بها عادةً فهو كناية، انتهى (٥).

وقال الطيبيّ: سُمّيت هذه الأشياء باسم الزنا؛ لأنها مقدمات له، مؤذنة بوقوعه، ونُسِب التصديق والتكذيب إلى الفرج؛ لأنه منشؤه، ومكانه؛ أي: يصدّقه بالإتيان بما هو المراد منه، ويكذّبه بالكفّ عنه.


(١) "عمدة القاري" ٢٣/ ١٥٧.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣٢٦.
(٣) "عون المعبود" ٦/ ١٣٣.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٦.
(٥) "عمدة القاري" ٢٢/ ٢٤٠.