للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: معناه إن فعل بالفرج ما هو المقصود من ذلك، فقد صار الفرج مصدّقًا لتلك الأعضاء، وإن ترك ما هو المقصود من ذلك، فقد صار الفرج مكذبًا.

وقيل: معنى "كَتَبَ" أنه أثبت عليه ذلك، بأن خلق له الحواسّ التي يجد بها لذة ذلك الشيء، وأعطاه القوى التي بها يقدر على ذلك الفعل، فبالعينين، وبما رُكّب فيهما من القوة الباصرة، تجد لذة النظر، وعلى هذا، وليس المعنى أنه ألجأه إليه، وأجبره عليه، بل رَكَّز في جبلّته حُبّ الشهوات، ثم إنه تعالى برحمته وفضله يعصم من يشاء.

وقيل: هذا ليس على عمومه، فإن الخواص معصومون عن الزنى، ومقدماته.

ويَحْتَمِل أن يبقى على عمومه، بأن يقال: كتب الله تعالى على كل فرد من بني آدم صدور نفس الزنى، فمن عصمه الله عنه بفضله صدر عنه من مقدماته الظاهرة، ومن عصمه بمزيد فضله ورحمته عن صدور مقدماته، وهم خواص عباده صَدَر عنه لا محالة بمقتضى الجبلّة مقدماته الباطنة، وهي تمني النفس، واشتهاؤها. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "والفرج يصدق ذلك، أو يكذبه" يشير إلى أن التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع، والتكذيب عكسه، فكان الفرج هو الموقع، أو الواقع، فيكون تشبيهًا.

ويَحْتَمِل أن يريد: أن الإيقاع يستلزم الحكم بها عادةً، فيكون كنايةً.

قال الخطابيّ: المراد باللمم: ما ذكره الله في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: ٣٢]، وهو المعفوّ عنه، وقال في الآية الأخرى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١] فيؤخذ من الآيتين أن اللمم من الصغائر، وأنه يكفَّر باجتناب الكبائر.

وقال ابن بطال: تفضَّل الله على عباده بغفران اللمم؛ إذا لم يكن للفرج تصديق بها، فإذا صدّقها الفرج كان ذلك كبيرة.


(١) "عون المعبود" ٦/ ١٣٣.