للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحمد (١)، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ: إذا لم يستهل لم يصلّ عليه، وبه قال أصحاب الرأي.

وقالت طائفة: يصلى عليه، وإن لم يستهلّ، يروى ذلك عن ابن عمر.

وبه قال محمد بن سيرين، وسعيد بن المسيّب، وقال أحمد بن حنبل: إذا عُلم أنه ولد يغسل، ويصلّى عليه، وقال إسحاق: كما نُفخ فيه الروح صلي عليه، وكذلك قال أحمد، قال: إذا تمّت أربعة أشهر يصلى عليه؛ لأنه قد نُفخ فيه الروح، وقال إسحاق: مضت السُّنَّة في أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الصبيّ إذا سقط من بطن أمه ميتًا، بعد تمام خَلْقه، ونُفِخَ فيه الروح، وهو أن يمضي أربعة أشهر وعشرٌ، أنه يصلّى عليه، إنما الميراث في الاستهلال، وأما ما يُبعث يوم القيامة نسمةً تامّةً، وقد كُتب عليه الشقاء والسعادة، فلأيّ شيء يُترك الصلاة عليه؟، وقد ذُكر عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "والطفل يصلَّى عليه"، رواه المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، وهو حديث صحيح، أخرجه أحمد، وأصحاب السنن، وثبت أن ابن عمر -رضي الله عنه- صلى على مولود، ذَكَر نافع أنه لم يكن استهلّ، وصلى أبو هريرة -رضي الله عنه- على المنقوص الذي لم يعمل خطيئة، وقال: "اللَّهُمَّ أعذه من عذاب القبر". انتهى كلام ابن المنذر -رحمه الله- باختصار (٢).

وقد رجّح المجد ابن تيميّة في "المنتقى" قول أحمد، وإسحاق، حيث قال: وإنما يُصلّى عليه إذا نُفخت فيه الروح، وهو أن يستكمل أربعة أشهر، فأما إن سَقَط لدونها فلا؛ لأنه ليس بميت؛ إذ لم يُنفخ فيه روح، وأصل ذلك حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو الصادق المصدوق: "إن خلق أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون عَلَقَة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا بأربع كلمات، بكتب رزقه، وأجله، وشقيّ، أو سعيد، ثم يُنفخ فيه الروح". متفق عليه. انتهى.

قال الشوكاني بعد ذِكر كلام ابن تيمية هذا: ومحلّ الخلاف فيمن سقط


(١) لعل أحمد -رحمه الله- له قولان، وإلا فسيأتي أنه ممن يرى الصلاة، وإن لم يستهلّ، فتأمل.
(٢) "الأوسط" ٥/ ٤٠٣ - ٤٠٦.