للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن المعرض عما بَعَث الله تعالى به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من الهدى ودين الحق، يتقلب في خمس ظلمات: قوله ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمة، وقلبه مظلم، ووجهه مظلم، وكلامه مظلم، وحاله مظلم، وإذا قابلت بصيرته الْخُفّاشية ما بعث الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من النور جَدَّ في الهرب منه، وكاد نوره يَخْطَف بصره، فهرب إلى ظلمات الآراء التي هي به أنسب وأولى، كما قيل [من الطويل]:

خَفَافِيشُ أَعْشَاهَا النَّهَارُ بِضَوْئِه … وَوَافَقَهَا قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ

فإذا جاء إلى زُبالة الأفكار، ونُخالة الأذهان، جال ومال، وأبدى وأعاد، وقعقع وفرقع، فإذا طَلَع نور الوحي، وشمس الرسالة، انحجر في حُجْرة الحشرات. انتهى كلام الإمام ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وإنما نقلته بطوله؛ لفوائده الكثيرة، وعوائده الغزيرة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٤٥١] ( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي (ع) وَحَدَّثَنِي (٢) حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِر، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِم، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَسَألتُهُ، فَقَالَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: "رَأَيْتُ نُورًا").

رجال هذا الإسناد: تسعة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) الْعَبديّ، أبو بكر البصريّ المعروف بـ "بندار"، ثقة حافظٌ [١٠] (ت ٢٥٢) (ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٢، هو أحد المشايخ التسعة الذين يروي عنهم أصحاب الكتب الستّة دون واسطة، كما مرّ غير مرّة.


(١) راجع: "اجتماع الجيوش الإسلاميّة" ص ٤٩ - ٥٨.
(٢) وفي نسخة: "حدّثنا".