للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابنُ سِيدَه: وكذا حَلَّ بالقَوم، وحَلَّهُم، واحْتَلَّ بهم، واحْتَلَّهم. انتهى باختصار (١).

(أَو يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ)؛ أي: وقت حلوله، (وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ) -سبحانه وتعالى - (أَنْ يُعِيذَكِ)؛ أي: يُجيرك، وَيعصمك (مِنْ عَذَاب فِي النَّار، أَو عَذَابٍ فِي الْقَبْر، كَانَ خَيْرًا) لك (وَأَفْضَلَ") مما سألت من الزيًادة في آجال محتمة، وأرزاق مقسومة، لا تزيد، ولا تنقص.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: قد أررد بعض علمائنا على هذا سؤالًا، فقال: ما معنى صَرْفه لها عن الدعاء بطول الأجل، وحَضّه لها على العياذ من عذاب القبر، وكل ذلك مقدّرٌ، لا يدفعه أحدٌ، ولا يردّه سبب؟.

فالجواب: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينهها عن الأول، وإنَّما أرشدها إلى ما هو الأَولى والأفضل، كما نصّ عليه، ووجهه كون الثاني أَولى وأفضل، أنه قيام بعبادة الاستعاذة من عذاب النار، والقبر، فإنَّه قد تَعَبّدنا بها في غير ما حديث، ولم يَتَعبّدنا بشيء من القِسْم الذي دعت هي به، فافترقا. وأيضًا: فانَّ التعوذ من عذاب القبر والنار تذكير بهما، فيخافهما المؤمن، فيحذرهما، ويتقيهما، فيجعل من المتقين الفائزين بخير الدنيا والآخرة. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله-.

وعبارة الأبيّ -رحمه الله-: قوله: "ولو كنت سألت إلخ" صَرَفها - صلى الله عليه وسلم - عن الدعاء بالزيادة في العمر إلى الدعاء بالمعافاة من عذاب القبر والنار؛ إرشادًا لها لِمَا هو الأفضل؛ لأنه كالصلاة والصوم من جملة العبادات، فكما لا يَحْسُن تركها اتكالًا على ما سَبَق من القدر، فكذلك لا يُترك الدعاء بالمعافاة. انتهى بتصرّف (٢).

وقال ابن الجوزيّ -رحمه الله-:

[فإن قيل]: كيف ردّها عن سؤال، وعَلّل بالقَدَر، وأمَرها بسؤال، وهو داخل في باب القدر أيضًا؟.

[فالجواب]: أن سؤال ما يجلب نفعًا في الآخرة، ويُظهِر عبوديةً من


(١) "تاج العروس" ص ٦٩٨٥.
(٢) "شرح الأبيّ" ٧/ ٩٤ - ٩٥.