للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السائل أَولى مما يجتلب به مجرد النفع في الدنيا، فأراد منها التشاغل بأمور الآخرة. انتهى (١).

(قَالَ) عبد الله - رضي الله عنه -: (وَذُكِرَتْ) بالبناء للمفعول، (عِنْدَهُ) - صلى الله عليه وسلم - (الْقِرَدَةُ) بكسر القاف، وفتح الراء: حيوان خبيث، والأنثى قِرَدةٌ، قاله الجوهريّ، والصغانيّ، ويُجمع الذَّكر على قُرُود، وأقراد، مثلُ حِمْل وحُمُول، وأحمال، وعلى قِرَدة أيضًا، مثالُ عِنَبة، وجَمْع الأنثى قِرَدٌ، مثلُ سِدْرة وسِدَر، قاله الفيّوميّ (٢).

(قَالَ مِسْعَرٌ) الراوي عن علقمة: (وَأُرَاهُ) بضمّ الهمزة؛ أي: أظنّ علقمة (قَالَ: وَالْخَنَازِيرُ)؛ أي: زاد ذكر الخنازير على القِرَدة، و"الخنزير" فِنْعِيلٌ: حيوان خبيث، ويقال: إنه حُرّم على لسان كل نبيّ (٣)، وقوله: (مِنْ مَسْخٍ)؛ أي: أهي من ممسوخ بني إسرائيل، أم لا؟، وفي رواية الثوريّ التالية: "فقال رجل: يا رسول الله القردة والخنازير، هل هي مما مُسِخ؟ وحاصل سؤاله أن القردة والخنازير الموجودة الآن هل هي مما تناسل من الأمم الممسوخة من بني إسرائل أم لا؟ (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخِ)؛ أي: للمسوخ، ففيه إطلاق المصدر، وإرادة المفعول؛ يعني: أنه تعالى لم يجعل لآدمي ممسوخ قردًا، أو خنزيرًا (نَسْلًا)؛ أي: ذرّيّة في حياته، (وَلَا عَقِبًا)؛ أي: يعقبه بعد موته، (وَقَدْ كَانَتِ الْقِرَدَةُ، وَالْخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ")؛ يعني: القردة والخنازير كانت موجودة قبل حادثة المسخ.

وقال المناويّ -رحمه الله-: قوله: "إن الله تعالى لم يجعل لمسخ إلخ": يَحْتَمل أنه لا يولد له أصلًا، أو يولد له، لكن ينقرض في حياته؛ يعني: فليس هؤلاء القردة والخنازير من أعقاب مَن مُسِخ من بني إسرائيل، كما توهّمه بعض الناس، ثم استظهر على دفعه بقوله: "وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك"؛ أي: قَبْل مَسْخ مَن مُسخ من الإسرائيليين، فأنى لكم في أن هذه القردة والخنازير الموجودة الآن من نسل الممسوخ؟ هذا رجم بالغيب. انتهى (٤).


(١) "كشف المشكل من حديث الصحيحين" ص ٢٢٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٦.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٦٨.
(٤) "فيض القدير شرح الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٥٥.