للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية حماد بن سلمة فلم تقع لي موصولة، وأما رواية أبان، فوقعت في "صحيح مسلم" من طريق حَبّان بن هلال، عنه، ولفظه: قال لنا جندب، ونحن غلمان … فذكره، لكن مرفوعًا أيضًا، فلعله وقع للمصنف (١) من وجه آخر عنه موقوفًا.

قوله: "وقال غندر عن شعبة عن أبي عمران: سمعت جندبًا قولَهُ" وَصَله الإسماعيليّ من طريق بندار، عن غندر.

قوله: "وقال ابن عون عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت، عن عمر قولَهُ": ابن عون هو: عبد الله البصريّ الإمام المشهور، وهو من أقران أبي عمران، وروايته هذه وَصَلها أبو عبيد، عن معاذ بن معاذ، عنه، وأخرجها النسائيّ من وجه آخر عنه.

قوله: "وجندب أصحّ، وأكثر"؛ أي: أصحّ إسنادًا، وأكثر طُرُقًا، وهو كما قال، فإن الجمّ الغفير رووه عن أبي عمران، عن جندب، إلا أنهم اختلفوا عليه في رَفْعه، ووقفه، والذين رفعوه ثقات حفاظ، فالحكم لهم.

وأما رواية ابن عون فشاذّة، لم يُتابَع عليها، قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابن عون قط إلا في هذا، والصواب عن جندب. انتهى.

ويَحْتَمِل أن يكون ابن عون حفظه، ويكون لأبي عمران فيه شيخ آخر، وإنما توارد الرواة على طريق جندب؛ لعلوّها، والتصريح برفعها، وقد أخرج مسلم من وجه آخر عن أبي عمران هذا حديثًا آخر في المعنى، أخرجه من طريق حماد، عن أبي عمران الجونيّ، عن عبد الله بن رَباح، عن عبد الله بن عَمْرٍو، قال: هَجّرت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسمع رجلين اختلفا في آية، فخرج يُعرف الغضب في وجهه، فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف في الكتاب"، وهذا مما يُقَوِّي أن يكون لطريق ابن عون أصل، والله أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيَّن بما سبق أن حديث جُندب بن عبد الله - رضي الله عنه - صحيح مرفوعًا، كما اتّفق عليه الشيخان، فتنبّه، والله تعالى أعلم.


(١) يعني: البخاريّ.
(٢) "الفتح" ١١/ ٣١٠ - ٣١١، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٥٠٦١).