للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والنسب؛ لأن الزنى يُخِل به، والنفس والمال؛ لأن كثرة الفتن تُخلّ بهما (١).

وقال في "العمدة": قوله: "القيم الواحد": بفتح القاف، وكسر الياء المشدّدة، وهو القائم بأمور النساء، وكذا القَيّام، والقوّام، يقال: فلان قوّام أهل بيته، وقيّامه، وهو الذي يُقيم شأنهم، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: ٥]، وقِوَام الأمر أيضًا: مِلاكه الذي يقوم به، وأصل قَيِّم: قَيْوِم على وزن فَيْعِل، اجتَمَعت الواو والياء، وسَبَقت إحداهما بالسكون، فأُبدلت من الواو ياءٌ، وأُدغمت الياء في الياء، ولم يُعكس الأمر هنا هَرَبًا من الالتباس بِقَوَّم الذي هو ماض من التقويم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: وإلى هذا القلب، والإدغام أشار ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة" بقوله:

إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيا … وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا

فَيَاءً الْوَاوَ اقْلِبَنَّ مُدْغِمَا … وَشَذَّ مُعْطًى غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا

وقال ابن بطّال: قال المهلّب: هذا إنما يكون من أشراط الساعة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -، ويمكن أن تكون قلة الرجال من اشتداد الفتن وترادف المحن، فيُقتل الرجال، والله أعلم.

ويَحْتَمِل قوله: "القيم الواحد"، معنيين: أحدهما: أن يكون قيّمًا عليهنّ، وناظرًا لهنّ، وقائمًا بأمورهنّ، ويَحْتَمِل أن يكون اتباع النساء له على غير الحلّ، والله أعلم.

قال الطحاويّ: ولمّا احتَمَل الوجهين نظرنا، هل رُوي في ذلك شيءٌ يدلّ على أحدهما؟ فذَكَر عليّ بن معبد بإسناده، عن حذيفة - رضي الله عنه -، قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "إذا عَمّت الفتنة يميّز الله أصفياءه، وأولياءه، حتى تطهر الأرض من المنافقين، والقتالين، ويتبع الرجل يومئذ خمسون امرأة، هذه


(١) "الفتح" ١/ ٣١٤، كتاب "العلم" رقم (٨١).
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٨٤.