وقال القرطبيّ في "التذكرة": يَحْتَمِل أن يراد بالقيّم: من يقوم عليهنّ، سواء كنّ موطوءات، أم لا، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك يقع في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول: الله الله، فيتزوج الواحد بغير عدد؛ جهلًا بالحكم الشرعيّ.
قال العينيّ: وقد وُجد ذلك من بعض أمراء التركمان، وغيرهم، من أهل هذا الزمان، مع دعواه الإسلام، والله المستعان. انتهى (١).
٤ - (ومنها): ما قاله ابن الجوزيّ رحمه اللهُ: وأما رفع العلم فيكون بشيئين: أحدهما: بموت العلماء، كما قال في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: "ولكن يقبضه بقبض العلماء".
والثاني: بخساسة الهمم، واقتناعها باليسير منه، فإنها إذا دَنَت قصرت، وكَشْفُ هذا: أنك إذا تأملت من سَبَق من العلماء، رأيت كل واحد منهم يتفنّن في العلوم، ويرتقي في كل فنّ إلى أقصاه، حتى روينا عن الشعبيّ أنه قال: ما أروي أقلّ من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهرًا لا أُعيد.
ثم قال: أخبرنا القزاز، قال: أنبأنا أحمد بن عليّ الحافظ، قال: حدّثنا الصُّوريّ، قال: سمعت رجاء بن محمد بن عيسى المعدّل يقول: سألت الدارقطنيّ، فقلت له: رأى الشيخ مثل نفسه؟ فقال: إن كان في فنّ واحد، فقد رأيت من هو أفضل مني، وأما من اجتمع فيه ما اجتمع فيّ فلا.
ثم إن الرغبات فَتَرت في العلم، فصار صاحب الحديث يقتصر على ما علا إسناده، ويُعرِض عن الفقه، فلو وقعت مسألة في الطهارة، لم يهتد لجوابها، وصار الفقيه يقتصر على ما كُتب في التعليقة، ولا يدري هل الحديث الذي بنى عليه الحكم صحيح أم لا؟ وصار اللغويّ يشتغل بحفظ ألفاظ العرب، ولا يلتفت إلى الفقه، فهذا رَفْع العلم، ثم له رفع من حيث المعنى، وهو أنا إذا وجدنا العالِم المتقِن قد مال إلى الدنيا، وتشاغل بخدمة السلاطين، والتردد إليهم، غير آمر بالمعروف، ولا ناهٍ لهم عن منكر، وعَكَف على اللذات، وربما مزجها بحرام، كلُبس الحرير، لم يَبق لعلمه نور عند المقتبس، فصار كالطبيب المخلّط، لا يكاد يُقبل قوله في الْحِمْية، فمات العلم عنده،