للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو موجود. نسأل الله عزَّ وجلَّ عزمًا مُجِدًّا، لا فتور فيه، وعملًا خالصًا، لا رياء معه. انتهى كلام ابن الجوزيّ رحمه اللهُ، وهو تحقيق أنيسٌ، والله أعلم.

٥ - (ومنها): ما ذكره في "العمدة" على طريقة الأسئلة والأجوبة، فقال: منها: ما قيل: من أين عَرَف أنس - رضي الله عنه - أن أحدًا لا يحدّث بعده؟.

أجيب: بأنه لعله عرفه بإخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو قال بناءً على ظنه أنه لم يسمع الحديث غيره من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال ابن بطال رحمه اللهُ: يَحْتَمِل أن أنسًا - رضي الله عنه - قال ذلك؛ لأنه لم يَبق من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيره، أو لِمَا رأى من التغير، ونَقْص العلم، فوعظهم بما سمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في نقص العلم، أنه من أشراط الساعة؛ ليحضّهم على طلب العلم، ثم أتى بالحديث على نصّه.

قال العينيّ رَحمه اللهُ: يَحْتَمِل أن يكون الخطاب بذلك لأهل البصرة خاصّة؛ لأنه آخر من مات بالبصرة - رضي الله عنه -.

وقال القرطبيّ رحمه الله: إنما قال أنس - رضي الله عنه - ذلك؛ لأنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كانوا انقرضوا في ذلك الوقت، فلم يبق منهم غيره، فإنه من آخرهم موتًا، تُوُفّي بالبصرة سنة ثلاث وتسعين، على ما قاله خليفة بن خياط، وقيل: كان سنّه يوم مات مائة سنة وعشر سنين، وقيل: أقلّ من ذلك، والأول أكثر، وكان ذلك ببركة دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له بذلك. انتهى (١).

ومنها: ما قيل: ما فائدة تخصيص هذه الأشياء الخمسة بالذكر؟.

أجيب: بأن فائدة ذلك: أنها مُشعِرة باختلال الضرورات الخمس، الواجبة رعايتها في جميع الأديان، التي بحفظها صلاح المعاش والمعاد، ونظام أحوال الدارين، وهي الدِّين، والعقل، والنفس، والنسب، والمال، فرَفْع العلم مُخِلّ بحفظ الدّين، وشرب الخمر بالعقل، وبالمال أيضًا، وقلة الرجال سبب الفتن بالنفس، وظهور الزنا بالنسب، وكذا بالمال.

ومنها: ما قيل: لِمَ كان اختلال هذه الأمور من علاماتها؟.


(١) "المفهم" ٦/ ٧٠٤ - ٧٠٥.