شِيصًا (١)، فَمَرّ بهم"، فقال: "ما لنخلكم؟ "، قالوا: قلت: كذا وكذا، قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".
وأخرجه ابن ماجه في "كتاب الأحكام" (٢٤٦٢)، وأحمد في "مسنده" رقم (٢٣٧٧٣) من حديثهما بلفظ: "أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع أصواتًا، فقال: ما هذا الصوتُ؟ "، قالوا: النخل يُؤبّرونها، فقال: لو لم يفعلوا لَصَلَح"، فلم يؤيّروا عامئذٍ، فصار شيصًا، فذكروا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"إن كان شيئًا من أمر دنياكم فشأنُكُم به، وإن كان من أمور دينكم فإليّ".
وأخرجه أحمد في "مسنده" رقم (١٢٠٨٦) من حديث أنس - رضي الله عنه - وحده، ولفظه: قال: سمع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أصواتًا، فقال:"ما هذا؟ "، قالوا: يُلَقِّحون النخل، فقال:"لو تركوه، فلم يُلَقِّحوه لصلح"، فتركوه، فلم يُلَقِّحوه، فخرج شِيصًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما لكم؟ "، قالوا: تركوه لَمّا قلت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان شيء من أمر دنياكم، فأنتم أعلم به، فإذا كان من أمر دينكم فإليّ".
(يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ)؛ أي: مَحْوًا من الصدور. قال ابن بطّال رحمه الله: معناه: إن الله لا ينزع العلم من العباد بعد أن يتفضّل به عليهم، ولا يسترجع ما وَهَبَ لهم من العلم المؤدّي إلى معرفته، وبَثّ شريعته، وإنما يكون انتزاعه بتضييعهم العلم، فلا يوجد من يَخلُف من مضى، فأنذر - صلى الله عليه وسلم - بقبض الخير كله.
وكان تحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في حجة الوداع، كما رواه أحمد، والطبراني من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، قال: لمّا كان في حجة الوداع قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا العلم قبل أن يُقبَض، أو يُرفع"، فقال أعرابي: كيف يُرفَع؟ فقال:"ألا إنّ ذَهَاب العلم ذَهابُ حَمَلته"، ثلاث مرات.
وقال ابن الْمُنَيِّر: مَحْوُ العلم من الصدور جائز في القدرة، إلا أن هذا الحديث دَلّ على عدم وقوعه. انتهى.
(وَلَكِنْ) للاستدراك، (يَقْبِضُ الْعِلْمَ) بكسر الموحّدة، من باب ضرب، والفعل مبنيّ للفاعل، والفاعل ضمير يعود إلى الله تعالى، وهو من قبيل إقامة