للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظاهر موضع المُضْمَر؛ لزيادة تعظيم المضمر؛ إذ مقتضى الظاهر أن يقال: "ولكن يقبضه"، كما في قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)} [الإخلاص: ٢] بعد قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} [الإخلاص: ١]. قاله العينيّ (١). (بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ)؛ أي: بسبب توفّيهم.

(حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا) وفي رواية البخاريّ: "حَتّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا" -بضم أوله، وكسر القاف- من الإبقاء، والفاعل ضمير "الله تعالى"، و"عالمًا" منصوب على المفعوليّة؛ أي: لم يُبقِ الله عالمًا.

وفي لفظ للبخاريّ: "حتى إذا لم يَبْقَ عالِمٌ"، وهو -بفتح أوله، وإسكان ثانية- من البقاء، و"عالم" مرفوع على الفاعليّة.

[فإن قلت]: "إذا" للاستقبال، و"لم" لقلب المضارع ماضيًا، فكيف يَجتمعان؟.

[أجيب]: بأنهما لمّا تعارضا تساقطا، فبقي على أصله، وهو المضارع، أو تعادلا، فيفيد الاستمرار.

[فإن قلت]: إذا كانت "إذا" شرطيّة يلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط، ومن وجود المشروط وجود الشرط، لكنه ليس كذلك هنا؛ لجواز حصول الاتخاذ مع وجود العالم.

[أجيب]: بأن ذلك في الشُّرَط العقليّة، أما في غيرها فلا نُسلّم اطّراد هذه القاعدة، ثم الاستلزام إنما هو في موضع لم يكن للشَّرط فيه بدلٌ، فقد يكون لمشروط واحد شروط متعاقبة، كصحّة الصلاة بدون الوضوء عند التيمّم، أو المراد بالناس: جميعهم، فلا يصحّ أن الكلّ اتخذوا رؤوسًا جُهّالًا إلا عند عدم بقاء العالم مطلقًا، وذلك ظاهر. قاله في "العمدة" (٢).

(اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا) قال النووي رحمه الله: ضبطنا "رؤوسًا" -بضم الهمزة والتنوين- جمع رأس. قال في "الفتح": وفي رواية أبي ذرّ أيضًا: "رؤساء" بفتح الهمزة، وفي آخره همزة أخرى مفتوحة، جَمْع رئيس، وكلاهما صحيح، والأول أشهر.


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٨٩.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٨٩.