للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تقدير لفظ الشروع، كاحتياجه إلى تقدير الرفع في المعنى الأول.

(وَعَمَلُ النَّهَارِ) بالرفع عطفًا على "عملُ الليل" (قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ) وفي الرواية الآتية: "وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ النَّهَارِ بِاللَّيْل، وَعَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ"، قال النوويّ: معنى الرواية الأولى - والله أعلم -: يُرفع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار الذي بعده، وعمل النهار قبل عمل الليل الذي بعده، ومعنى الرواية الثانية: "يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده، ويُرْفَع إليه عمل الليل في أول النهار الذي بعده، فإن الملائكة الحفَظَة يَصْعَدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويَصْعَدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أولى الليل"، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وذكر القاري رحمه الله في "شرح المشكاة" ما معناه: وهو بيان لمسارعة الملائكة الموكّلين برفع أعمال النهار بعد العصر، والليل بعد الصبح، وأنهم يقطعون في هذا الزمن القليل تلك المسافة الطويلة التي تزيد على سبعة آلاف سنة على ما رُوي: أن مسيرة ما بين الأرض والسماء الدنيا خمسمائة سنة، وما بين كلّ سماءين كذلك، وسَمْكُ كلّ سماء كذلك، وتقدير "رَفْع" في الأول، و"رَفْع" أو "فِعْل" في الثاني هو الذي دلّ عليه الحديث الآخر: إن أعمال النهار ترفع بعد صلاة العصر، وأعمال الليل تُرفع بعد صلاة الصبح، فلا يقع رفع عمل الليل إلا بعد فعلٍ من عمل النهار، وأما رفع عمل النهار فيقع قبل فِعْلِ أو رَفعِ شيء من عمل الليل؛ لأن بين ابتداء رفعها وعمل الليل فاصلًا يسع ذلك بالنسبة إلى القدرة الباهرة. فالحاصل أن قوله: "قبل عمل النهار" يتعيّن فيه تقدير "رَفْع"، ولا يصحّ تقدير "فِعل" فيه، وقوله: "قبل عمل الليل" يصحّ فيه كلٌّ منهما، وتقدير الفعل أبلغ؛ لأن الزمن أقصر، فتأمل ذلك لتعلم فساد ما أطلقه بعض الشارحين. انتهى (٢).

(حِجَابُهُ النُّورُ) مبتدأ وخبره، يعني: أن حجاب الله سبحانه وتعالى الذي احتجب به من خلقه النور، قال النوويّ في "شرحه": أصل الحجاب في اللغة المنع والسَّتْرُ، وحقيقة الحجاب إنما تكون للأجسام المحدودة، والله تعالى مُنَزَّه عن


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ١٣.
(٢) "المرقاة شرح المشكاة" ١/ ٢٨٥.