العلم وفضله" (١/ ١٤٨ - ١٤٩)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (١٤٧)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه الحثَّ على حفظ العلم والاشتغال به.
٢ - (ومنها): أن الفتوى هي الرئاسة الحقيقيّة، وذمّ من يُقْدِم عليها بغير علم.
٣ - (ومنها): التحذير عن اتّخاذ الْجُهّال رؤساء.
٤ - (ومنها): وجوب اجتناب الرأي والقياس، وهو محمول على الرأي المذموم، كما سيأتي بيانه في المسألة التالية -إن شاء الله تعالى-.
٥ - (ومنها): أن فيه دلالةً للقائلين بجواز خلوّ الزمان عن المجتهد، على ما هو مذهب الجمهور، خلافًا للحنابلة.
ومسألة خلوّ الزمان عن المجتهد مشهورة في كتب الأصول، وحاصلها أن الجمهور يَرَوْن جوازه، وخالف في ذلك الحنابلة، وذهب العلامة ابن دقيق العيد إلى أنه لا يجوز ما لم تأت أشراط الساعة الكبرى، كطلوع الشمس من مغربها، فإذا أتت جاز الخلوّ عنه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله ابن دقيق العيد هو الأرجح؛ للحديث الآتي.
ثم على القول بالجواز أنه لم يثبُت وقوعه، وقيل: يقع؛ لحديث "الصحيحين": "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ حتى يأتي أمر الله"؛ أي: الساعة، والمراد به: إتيان الأشراط المذكورة.
ودليل الوقوع: حديث الباب المتّفق عليه، وحديث البخاريّ: "إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، وَيثبُت الجهل"، والمراد برفع العلم: قَبْض أهله.
قال الجامع: لا خلاف بين الأحاديث؛ إذ هي على معنى واحد، وهو أن المراد بالحديثين الأخيرين: عند قرب الساعة، فيكونان بمعنى الحديث الأول؛ أي: أن قبض العلم ورفعه يكون عند قرب الساعة بظهور أشراطها المذكورة، والله تعالى أعلم.
وإلى ما ذُكر أشار السيوطيّ رحمه الله تعالى: