للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزمان عمن يُنسب إلى العلم أصلًا، ثم تَهُبّ الريح، فتقبض كل مؤمن، وهناك يتحقق خلوّ الأرض عن مسلم فضلًا عن عالم، فضلًا عن مجتهد، ويبقى شرار الناس، فعليهم تقوم الساعة، والعلم عند الله تعالى. انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو بحثٌ مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

٦ - (ومنها): أن الداوديّ قال: هذا الحديث خرج مخرج العموم، والمراد به الخصوص؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ حتى يأتي أمر الله"، ويقال: هذا بعد إتيان أمر الله تعالى، إن لم يُفسّر إتيان الأمر بإتيان القيامة، أو عدم بقاء العلماء إنما هو في بعض المواضع كما في بيت المقدس مثلًا، إن فسَّرناه به، فيكون محمولًا على التخصيص جمعًا بين الأدلّة.

٧ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: هذا الحديث بيّن كيفيةَ رفع العلم، وظهور الجهل، وهو نصّ في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور، بل بموت العلماء، وبقاء الجهّال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يُفتون بالجهل، ويُعلّمونه، فينتشر الجهل، ويظهر، وقد ظهر ذلك، ووُجد على نحو ما أخبر - صلى الله عليه وسلم -، فكان ذلك دليلًا من أدلّة نبوّته، وخصوصًا في هذه الأزمان، إذ قد وَليَ المدارس والفتيا كثيرٌ من الجهّال والصبيان، وحُرِمها أهل ذلك الشأن. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في تقسيم الرأي على ثلاثة أقسام:

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله في كتابه النافع "إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين":

الرأي ثلاثة أقسام: رأي باطل بلا ريب، ورأي صحيح، ورأي هو موضع الاشتباه، والأقسام الثلاثة قد أشار إليها السلف، فاستعملوا الرأي الصحيح، وعملوا به، وأفتَوْا به، وسوّغوا القول به، وذمّوا الباطل، ومنعوا من العمل والفتيا والقضاء به، وأطلقوا ألسنتهم بذمّه وذمّ أهله.

والقسم الثالث سوّغوا العمل والفتيا والقضاء به عند الاضطرار إليه،


(١) "الفتح" ١٧/ ١٨٨ - ١٩٠.
(٢) "المفهم" ٦/ ٧٠٥.