قال الجامع عفا الله عنه: هذه المسألة هكذا اختلف المتأخرون فيها، وما كان ينبغي لهم ذلك؛ لأنها ليست من المسائل التي كُلّفنا بها، وإلا لأنزل الله تعالى بيان حكمها صريحًا، أو بيّنها النبيّ -صلى الله عليه وسلم - بيانًا شافيًا، فهي مما لا يعني المكلّفين عِلمه، و"من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"؛ إذ فيه إضاعة للوقت، وشَغْلٌ له عما هو أهمّ.
قال الشيخ ابن أبي العزّ -رحمه الله - في شرح العقيدة الطحاويّة بعدما ذكر الخلاف: والأدلّة في هذه المسألة من الجانبين إنما تدلّ على الفضل، لا على الأفضليّة، ولا نزاع في ذلك.
قال: وللشيخ تاج الدين الفزاريّ مصنّف سمّاه: "الإشارة في البشارة" في تفضيل البشر على الملك، قال في آخره: اعلم أن هذه المسألة من بِدَع علم الكلام التي لم يتكلّم فيها الصدر الأول من الأمّة، ولا مَن بعدهم من أعلام الأئمة، ولا يتوقّف عليها أصل من أصول العقائد، ولا يتعلّق بها من الأمور الدينيّة كبير من المقاصد، ولهذا خلا عنها طائفة من مصنّفات هذا الشأن، وامتنع من الكلام فيها جماعة من الأعيان، وكلّ متكلّم فيها من علماء الظاهر بعلمه لم يَخْلُ كلامه عن ضَعف واضطراب. انتهى (١).
والحاصل: أن الأسلم أن نعتقد أن الله -سبحانه وتعالى- فضّل الملائكة، وفضّل خيار بني آدم، وأما التفضيل بين الجنسين، فَنكِلُ علمه إلى الله تعالى، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال: