والأربع المثبتة على التجدد مع الاستمرار، وأما الجملة الاسميّة فدلالتها على سبيل الثبات والدوام في هذا العالم، والشرطيّة منبئة عن ذلك؛ لما دلّت على أنها مخالفة للنور المتعارف.
قال: وفيه دليل على أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربّه تعالى لقوله في الدعاء:"اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا".
قال الجامع: مسألة رؤية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء ببصره قد حقّقنا القول فيها، وأن جمهور السلف على نفيها، للحديث الصحيح المتقدّم:"نور أنى أراه"، وغيره، ومن نُقل عنه إثباتها كابن عبّاس فإن الصحيح أنه أثبتها بالفؤاد، لا بالعين، فتنبّه.
وأما استدلال الطيبيّ عليها بالحديث المذكور، فمما لا يخفى بُعده على بصير، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
قال: وأما المؤمنون إذا صَفَت بشريّتهم عن الكُدُورات في دار الثواب، فيُرزَقُون هذه المنحة السنيّة، والرتبة العليّة.
[وخامسها]: أن معنى الحديث بأسره مسبوك من معنى آية الكرسيّ، فإن قوله سبحانه وتعالى:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، إلى قوله:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ}[البقرة: ٢٥٥] مشعر بصفة الإكرام، ومنه إلى الخاتمة مشير إلى صفة الجلال؛ لما فيه من المنع عن الشفاعة إلا بإذنه، ومن ذكر الكرسيّ الذي هو سرير الملك، وهو مناسب لحديث الحجاب، وكذلك الحديث إلى قوله:"حجابه النور" مُنْبِيءٌ عنٍ صفة الإكرام، ومنه إلى آخره عن صفة الجلال، فتكون صفة الجلال محتجبةً بصفة الإكرام، فلو كشف حجاب الإكرام لتلاشت الأشياء، وتفنى بتجلي صفات الجلال الكائنات، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} [الرحمن: ٢٧].
ومن أسمائه الحسنى، وصفاته العظمى النور، قال الله تعالى:{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا}[الزمر: ٦٩].
وبيانه أن قوله:{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} مقرّر للكلام السابق، قال في "الكشّاف": وهو تأكيد لـ {الْقَيُّومُ}؛ لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيّومًا، وهو مثل قوله:"لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام"، وقوله:{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} كالتعليل لمعنى القيّوميّة، أي كيف ينام، وهو مالك ما