صفات الكمال، وهذا هو مذهب السلف، وهو الصراط المستقيم، فعليك بلزومه إن أردت الهدى والعزّ المستديم، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(المسألة الخامسة): ذكر الطيبيّ رحمه الله في "الكاشف" هنا وجوهًا متعلّقة بلطائف المعاني، والمحسّنات البديعيّة، أحببت إيرادها مع التعقيب على ما يحتاج إلى التعقيب عليه:
[أحدها]: أن قوله: "لا ينبغي له أن ينام" جملة معترضة، واردة على التتميم؛ صونًا للكلام عن المكروه، فإن قوله:"لا ينام" لا ينفي جواز النوم، كما قال الأشرف، فعقّب به لدفع ذلك التجويز، قال أبو الطيّب [من الطويل]:
فإن "حاشاك" تتميم في غايةً الحسن، ومعنى "لا ينبغي" لا يصحّ، ولا يستقيم النوم؛ لأنه مناف لحال ربّ العالمين.
[وثانيها]: "يخفض، ويرفع، وعمل الليل، وعمل النهار" من باب التضادّ، والمطابقة، والخفض، والرفع في القرينتين مستعارتان للمعاني من الأعيان.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "مستعارتان … إلخ" غير صحيح؛ لأن الاستعارة من المجاز، فهو يريد أن لا يثبت صفة الخفض والرفع لله تعالى على ظاهرها، وقد سبق أن نبّهنا على مثل هذا، فالحقّ أنها ثابتة له، ولا حاجة إلى المجاز؛ لأنه لا يصار إليه إلا عند تعذّر الحقيقة، وهنا لم يتعذّر، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهوّر بتقليد ذوي الاعتساف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[وثالثها]: "لو كشفه" من الشرط والجزاء، استئنافيّة، مبيّنة للكلام السابق، كأنه لما قيل: إن حجابه النور، وعُرِّف الخبر المفيد للتخصيص اتّجه للسائل أن يقول: لم خُصّ الحجاب بالنور؟ أجيب: بأنه لو كان من غيره لاحترق.
قال الجامع: هذه الفائدة غير واضحة، والله تعالى أعلم.
[ورابعها]: الجملة الفعليّة في النفي والإثبات كلها واردة على صيغة المضارع؛ لإرادة الاستمرار، فالمنفيّان فيها يدلان على الدوام من غير انقطاع،