أحدٌ أحدٌ، فإذا قالوا له: قل: واللات والعزى، قال: لا أُحسنه. [من المتقارب]:
يُرَادُ مِنَ الْقَلْبِ نِسْيَانُكُمْ … وَتَأْبَى الطّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
كان الثوريّ يُنشد:
لَا لِأَنّي أَنْسَاكَ أُكْثِرُ ذِكْرَكَ … وَلَكِنْ بِذَاكَ يَجْرِي لِسَانِي
سَمِع الشبليّ قائلًا يقول: يا الله، يا جواد، فاضطرب، فتذكر قول الشاعر [من الطويل]:
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنى … فَهَيَّجَ أَشْوَاقَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأنَّمَا … أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي
وقال آخر [من الطويل]:
إِذَا ذُكِرَ الْمَحْبُوبُ عِنْدَ حَبِيبِهِ … تَرَنَّحَ نَشْوَانٌ وَحَنَّ طَرُوبُ
قيل لمحمد بن النضر: أما تستوحش وحدك؟ قال: كيف أستوحش، وهو يقول: أنا جليس من ذكرني؟. [من الوافر]:
كَتَمْتُ اسْمَ الْحَبِيبِ مِنَ الْعِبَادِ … وَرَدَّدتُ الصَّبَابَةَ فِي فُؤَادِي
فَوَا شَوْقًا إَلَى بَلَدٍ خَلِيِّ … لَعَلّي بِاسْمِ مَنْ أَهْوَى أُنَادِي
فإذا قوي حال المحب ومعرفته لم يشغله عن الذكر بالقلب واللسان شاغل فهو بين الخلق بجسمه، وقلبه معلّقٌ بالمحل الأعلى، كما قال عليّ في وصفهم: صَحِبوا الدنيا بأجساد، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، وفي هذا المعنى قيل:
جِسْمِي مَعِي غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ عِنْدَكُمُ … فَالْجِسْمُ فِي غُرْبَةٍ وَالرُّوحُ فِي وَطَنِ
وقال غيره [من الكامل]:
وَلَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي الْفُؤَادِ مُحَدّثِي … وَأَبَحْتُ جِسْمِي مَنْ أَرَادَ جُلُوسِي
فَالْجِسْمُ مِنِّي لِلْجَلِيسِ مُؤَانِسٌ … وَحَبِيبُ قَلْبِي فِي الْفُؤَادِ أَنِيسِي
وهذه كانت حال الرسل والصدّيقين، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنقال: ٤٥].