للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(اعلم): أنهم اختلفوا في هذا العدد: هل المراد به حصر الأسماء الحسنى في هذه العدّة، أو أنها أكثر من ذلك، ولكن اختصت هذه بأن من أحصاها دخل الجنة؟ فذهب الجمهور إلى الثاني، ونَقَل النوويّ اتفاق العلماء عليه، فقال: ليس في الحديث حصر أسماء الله تعالى، وليس معناه أنه ليس له اسم غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث: أن هذه الأسماء من أحصاها دخل الجنة، فالمراد: الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الذي أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان: "أسألك بكلّ اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، وعند مالك، عن كعب الأحبار في دعاء: "وأسألك بأسمائك الحسنى، ما علمتُ منها وما لم أعلم"، وأورد الطبريّ عن قتادة نحوه، ومن حديث عائشة أنها دعت بحضرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بنحو ذلك.

وقال الخطابيّ - رحمه الله -: في هذا الحديث إثبات هذه الأسماء المخصوصة بهذا العدد، وليس فيه مَنْع ما عداها من الزيادة، وإنما التخصيص؛ لكونها أكثر الأسماء، وأبْينها معاني، وخبر المبتدأ في الحديث هو قوله: "من أحصاها" لا قوله: "لله"، وهو كقولك: لزيد ألف درهم، أعدّها للصدقة، أو لعمرو مائة ثوب، من زاره ألبسه إياها.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: لا قوله: "لله"، فيه نظر لا يخفى، بل الصواب أن الخبر "لله"، وأما جملة: "من أحصاها دخل الجنّة": فإما خبر بعد خير، وإما نعت للعدد المذكور، فيكون قيدًا فيه، فيكون المعنى: أن تلك الأسماء الموصوفة بهذا كائنة لله، فلا يكون مانعًا من ثبوت أسماء أخرى لله - عز وجل - غير موصوفة بما ذُكر، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ - رحمه الله - في "المفهم" نحو ذلك، ونقل ابن بطال عن القاضي أبي بكر بن الطيب قال: ليس في الحديث دليل على أنه ليس لله من الأسماء إلا هذه العدة، وإنما معنى الحديث: أن من أحصاها دخل الجنة، ويدلّ على عدم الحصر أن أكثرها صفات، وصفات الله لا تتناهى.

وقيل: إن المراد: الدعاء بهذه الأسماء؛ لأن الحديث مبني على قوله: